حدث عياض بن غطيف قال: دخلنا على أبي عبيدة بن الجراح نعوده، فإذا وجهه نحو الحائط وعنده امرأته تجيفة، فقلنا: كيف بات أبو عبيدة؟ فقالت: بات بأجرٍ، فالتفت إلينا، فقال: ما بت بأجر.
قال: فسكتنا، فقال: ألا تسلوني عما قلت! فقلنا والله ما أعجبنا ما قلت فنسألك عنه.
فقال: إني سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " من أنفق نفقةً فاضلة في سبيل الله فبسبع مائة، ومن أنفق على نفسه وأهله، أو عاد مريضاً أو أماط أذىً عن الطريق فحسنة بعشر أمثالها؛ الصوم جنةٌ ما لم يخرقها ومن ابتلاه الله ببلاءٍ في جسده فهو له حطة ".
وكان سفيان صحف اسم امرأة أبي عبيدة فقال: حفتة بالحاء.
قال سليمان بن عامر: لما قدم عمر بن الخطاب الجابية، جلس في أمر الناس والقضاء بينهم حتى إذا حان الانصراف فقال: قم يا أبا عبيدة نحو منزلك.
فقال مرحباً وأهلاً بأمير المؤمنين، وتقدم إلى منزله، فقال لأهله: هذا أمير المؤمنين، ثم دخل عمر، فقالت امرأة أبي عبيدة: مرحباً بك يا أمير المؤمنين وأهلاً، قال عمر: أفلانة؟ قالت: نعم يا أمير المؤمنين.
قال عمر: أما والله لأسوءنك، قالت: إياي تعني يا أمير المؤمنين؟ قال: نعم.
والذي نفسي بيده لأسوءنك، قالت: والله ما تقدر على ذلك، فقال عمر: لا؟ قالت: لا والله.
فأشفق أبو عبيدة أن تبدر منه إليها بادرة، فقال: بلى والله يا أمير المؤمنين، إن شئت لتفعلن.