حدث أحمد بن أبي طاهر أن عبد الله بن طاهر لما خرج إلى المغرب كان معه كاتبه أحمد بن نهيك. فلم نزل دمشق أهديت إلى أحمد بن نهيك هدايا كثيرة في طريقه وبدمشق، وكان يثبت كل ما يهدى إليه في قرطاس، ويدفعه إلى خازن له. فلما نزل عبد الله بن طاهر دمشق أمر أحمد بن نهيك أن يغدو عليه بعمل كان أمره أن يعمله، فأمر خازنه أن يخرج إليه قرطاساً فيه العمل الذي أمر بإخراجه، ويضعه في المحراب لئلا ينساه في السحر عند ركوبه، فغلط الخازن فأخرج إليه القرطاس الذي فيه ثبت ما أهدي إليه فوضعه في المحراب. فلما صلى أحمد بن نهيك الفجر أخذ القرطاس من المحراب ووضعه في حقه. فلما دخل على عبد الله بن طاهر سأله عما يقدم إليه من إخراجه العمل الذي أمره به فأخرج الدرج ودفعه إليه فقرأه عبد الله من أوله إلى آخره، وتأمله ثم أدرجه ودفعه إلى أحمد بن نهيك وقال له: ليس هذا الذي أردت. فلما نظر أحمد بن نهيك فيه أسقط في يده. فلما انصرف إلى مضربه وجه إليه عبد الله بن طاهر يعلمه أني قد وقعت على ما في القرطاس فوجدته سبعين ألف دينار واعلم أنه قد لزمتك مؤونة عظيمة غليظة في خروجك ومعك زوار وغيرهم، وإنك محتاج إلى برهم وليس مقدار ما صار إليك يفي بمؤونتك وقد وجهت إليك بمئة ألف دينار لتصرفها في الوجوه التي ذكرتها.