حدث أبو الميمون بن راشد عن بكار بن قتيبة بسنده إلى مالك بن أنس قال: سمع عبد الله بن سلام بمقدم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو بأرض يخترف، فأتى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: إني سائلك عن ثلاث لا يعلمهن إلا نبي: ما أول أشراط الساعة؟ وما أول طعام أهل الجنة؟ وما ينزع الرجل إلى أبيه وأمه؟ قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أخبرني بهن جبريل عليه السلام آنفاً. فقال: ذاك عدو اليهود من الملائكة، قال: فقرأ عليه الآية " من كان عدواً لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله " فأما أول أشراط الساعة فنار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب، وأما أول طعام يأكله أهل الجنة فزيادة كبد حوت، وإذا سبق ماء الرجل نزع الولد، وإذا سبق ماء المرأة نزعته، قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنك رسول الله، يار سول الله، إن اليهود قوم بهت، وإنهم إن يعلموا بإسلامي قبل أن تسألهم عني يبهتوني، قال: فجاءت اليهود، فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أي رجل عبد الله بن سلام فيكم؟ قالزا: خيرنا وابن خيرنا، وسيدنا وابن سيدنا، قال: أفرأيتم إن أسلم عبد الله بن سلام؟ قالوا: أعاذه الله من ذلك، فخرج عبد الله بن سلام فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وإن محمداً رسول الله، قالوا: شرنا وابن شرنا، فنقضوه، فقال: هذا الذي كنت أخاف يا رسول الله.
ولد أبو الميمون سنة اثنتين وخمسين ومئتين، وقيل: سنة خمسين. وكان شيخاً جليلاً من معدلي دمشق، ومات سنة سبع وأربعين وثلاث مئة. وكان نبيلاً، مأموناً، من أهل الأدب، ويقول الشعر، وكان ممتعاً ببصره وعقله وصحة جسده، غير أن سمعه كان قد لحقه ثقل.