قدم من مكة على الأوزاعي ليسمع منه، فأهدى إليه طرائف من طرائف مكة. فقال له الأوزاعي: إن شئت قبلت منك، ولم تسمع مني حرفاً، وإن شئت فضم هديتك واسمع.
[أبو مريم الأزدي]
قدم أبو مريم على معاوية، فقال له معاوية: ما أقدمك؟ قال: حديث سمعته من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلما رأيت موقفك جئت أخبرك. سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: من ولاه الله من أمر الناس شيئاً فاحتجب عن حاجتهم وخلتهم وفاقتهم، احتجب الله يوم القيامة عن حاجته وخلته وفاقته. وقيل: إنه دخل على معاوية، فقال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: من ولي من أمر الناس شيئاً، فأغلق بابه دون المسكين أو المظلوم أو ذي الحاجة، أغلق الله دونه أبواب رحمته عند حاجته وفقره أفقر ما يكون إليه.
أقبل رجل من أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقال له أبو مريم، غازياً، حتى بلغ الحفير واستأذن على معاوية بدمشق حين مر بها، فلم يجد أحداً يأذن له، فلما بلغ الحفير ذكر حديثاً سمعه من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فرجع حتى أتى باب معاوية، فقال لبعض من عليه: أما منكم أحد رشيد يقول لأمير المؤمنين ها هنا أخوك أبو مريم؟ فقال معاوية: ويحكم! وحبستموه؟ ائذنوا له. فلما دخل عليه قال: مرحباً، ها هنا ها هنا يا أبا مريم. ثم قال: إني لم أجئك طالب حاجة، ولكني سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: من اغلق بابه دون ذوي الفقر والحاجة، أغلق الله عن فقره وحاجته باب السماء. فأكب معاوية يبكي، ثم قال: رد حديثك يا أبا مريم. فرده، ثم قال معاوية: ادعوا لي سعداً وكان حاجبه فدعي، فقال: يا أبا مريم، حدثه أنت كما سمعت. فحدثه أبو مريم. فقال معاوية لسعد: اللهم، إني أخلع هذا من عنقي، وأجعله في عنقك، من جاء يستأذن علي، فأذن له، يقضي الله على لساني ما قضى.