قال أبو سليمان: وصفت لأختي عبدة قنطرةٌ من قناطر جهنم، فأقامت يوماً وليلةً في صحبة واحدة ما سكتت، ثم انقطع عنها بعد، فكلما ذكرت لها صاحت صيحةً واحدة ثم سكتت. قلت: من أي شيءٍ كان صياحها؟ قال مثلت نفسها على القنطرة وهي تكفأ بها.
[عبدة بنت عبد الله بن يزيد]
ابن معاوية بن أبي سفيان بن حرب، زوج هشام بن عبد الملك وعبدة هي المذبوحة، ذبحت أيام عبد الله بن علي بن عبد الله بن العباس. ولها يقول عمرو بن أمية بن عمرو بن سعيد بن العاص حين أخذت أمها أم موسى بنت عمرو بن سعيد درع عبدة بنت عبد الله: من السريع
يا عبد لا تأسي على بعدها ... فالبعد خير لك من قربها
لا بارك الرحمن في عمتي ... ما أبعد الإيمان من قلبها
كانت عبدة بنت عبد الله عند هشام بن عبد الملك، وكانت من أجمل النساء، فدخل عليها يوماً وعليها ثيابٌ سودٌ رقاق، من هذه التي يلبسها النصارى يو عيدهم، فملأته سروراً حين نظر إليها، ثم تأملها فقطب، فقطبت فقالت: مالك يا أمير المؤمنين! أكرهت هذه؟ ألبس غيرها؟ قال: لا، ولكن رأيت هذه الشامة التي على كشحك من فوق الثياب، وبك تذبح النساء - وكانت بها شامةٌ في ذلك الموضع - أما إنهم سينزلونك عن بغلةٍ شهباء وردة - يعني بني العباس - ثم يذبحونك ذبحاً.
قوله: تذبح بك النساء. يعني إذا كانت دولةٌ لأهلك ذبحوا بك من نساء القوم الذين ذبحوك. فأخذها عبد الله بن علي بن عيد الله بن العباس، فكان معها من الجوهر مالا يدرى ما هو، ومعها درع يواقيت وجوهر منسوحٌ بالذهب، فأخذ ما كان معها وخلى سبيلها. فقالت في الظلمة: أي دابةٍ تحتي؟ قيل لها: لظلمة الليل - فقالت: