لما أراد جعفر المتوكل الخروج من الشام إلى العراق أحب أن يجعل طريقه على البرية لينظر إلى آثار بني أمية، ومصانعهم وكان في طريقه دير يعرف بدير حنينة فلما عزم على ذلك اتصل خبره ببعض موالي بني أمية. فقال: لأنغصت عليه نزهته بأبيات أحبرها، ثم تقدم إلى الدير، فجعل لصاحب الدير جعلاً على أن يدعه يكتب في صدر الهيكل أبياتاً فأذن له، فكتب: من الطويل
أيا منزلاً بالدير أصبح ثاوياً ... تلاعب فيه شمأل ودبور
كأنك لم تقطنك بيض نواعم ... ولم تتبختر في فنائك حور
وأبناء أملاكي غياشم سادة ... صغيرهم عند الأنام كبير
إذا نزعوا تيجانهم فضراغم ... وإن لبسوا تيجانهم فبدور
على أنهم يوم اللقاء قساور ... ولكنهم عند النوال بحور
وكم يصبح الصهريج والناس حوله ... عليه فساطيط لهم وخدور
وحولك رايات لهم وعساكر ... وخيل لها بعد الصهيل نخير
ليالي هشام بالرصافة قاطناً ... وفيك ابنه يا دير وهو أمير