للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ذكر ما كان عمر بن عبد العزيز رده على النصارى عند طلبه]

قال علي بن أبي حملة: لما ولي عمر بن عبد العزيز قال نصارى دمشق: يا أمير المؤمنين، قد علمت حال كنيستنا. قال: إنها صارت إلى ما ترون، فعوضهم كنيسة من كنائس دمشق لم تكن في صلحهم يقال لها: كنيسة توما.

وقيل: إن النصارى رفعوا إلى عمر بن عبد العزيز ما أخذوا عليه العهد في كنائسهم، لا تهدم ولا تسكن، وجاؤوا بكتابهم إليه فكلمهم عمر ورفع لهم في الثمن حتى بلغ مئة ألف، فأبوا، فكتب عمر إلى محمد بن سويد الفهري أن يدفع إليهم كنيستهم، إلا أن يرضهيم، فأعظمه ذلك وأعظم الناس وفيهم يومئذ بقية من أهل الفقه فشاورهم محمد بن سويد فقالوا: هذا أمر عظيم، ندفع إليهم مسجدنا وقد أذنا فيه بالصلاة، وجمعنا فيه، يهدم فيعاد كنيسة؟! فقال رجل منهم: هاهنا خصلة: لهم كنائس عظام حول مدينتهم: دير مران وباب توما والراهب وغيرها، إن أحبوا أن نعطيهم كنيستهم ولا يبقى حول مدينة دمشق كنيسة ولا بالغوطة إلا هدمت، وإن شاؤوا تركت لم كل كنيسة بالغوطة، ونسجل لهم بها سجلاً، وتركوا ما يطلبون. فدعاهم فعرض ذلك عليهم فقالوا: أنظرونا ننظر في أمرنا، فتركهم ثلاثاً، فقالوا: نحن نأخذ الذي عرضت علينا، وتكتب إلى الخليفة تخبره أنا قد رضينا بذلك، ويسجل الخليفة من قبله سجلاً منشوراً بأمان على ما بالغوطة من كنيسة أن تهدم أو تسكن. قالوا: نعم. فكتب إلى عمر بن عبد العزيز بذلك، فسره وسجل لهم في كنائسهم التي خارج مدينة دمشق والغوطة، أنهم آمنون أن تخرب أو تسكن، وأشهد لهم شهوداً.

<<  <  ج: ص:  >  >>