ابن نصر بن هاشم، أبو الحسن الأمير الكناني المعروف بسديد الملك، صاحب شيزر أديب فاضل. له شعر حسن سائر. ورد دمشق غير مرة، وأقام بطرابلس سنوات، وعمر حصن الجسر، ثم اشترى حصن شيزر من الروم.
كن سديد الملك علي بن مقلد بن نصر بينه وبين ابن عمار مودة وكيدة، وكان بينهما تكاتب، وكان سبب ذلك أنه كان له مملوك أرمني يسمى رسلان، وكان زعيم عسكره، فبلغه عنه ما أنكره، فقال: اذهب عني، وأنت آمن مني على نفسك، فذهب إلى طرابلس، وقصد ابن عمار، فنفذ إلى سديد الملك وسأله في حرمه وماله، فأمر بإطلاقهم، وما اقتناه من دوابه. فلما خرج لحقه سديد الملك، فقال له الرسول: غدرت بعبدك، ورعيت في ماله، فقال: لا، ولكن كل أمر له حقيقة، حطّوا عن الجمال أحمالها، وعن البغال أثقالها، ففعلوا، فقال: أثبتوا كل ما معه ليعرف أخي قدر ما فعلته، فكان ما أخرج له من ذهب عين خمسة وعشرين ألف دينار في قدور نحاس، وكان له من الديباج والفضة ما يزيد على القيمة، فقال للرسول: أبلغ ابن عمار سلامي، وعرّفه بما ترى لئلا يقول رسلان أخذ بغير علم مولاي، ولو درى لم يمكني منه، فزاره سديد الملك في بعض السنين. فلما فارقه كتب إليه: البسيط
أحبابنا لو لقيتم في مقامكم ... من الصّبابة ما لاقيت في ظعني
لأصبح البحر من أنفاسكم نفساً ... كالبرّ من أدمعي ينشقّ بالسّفن
قال أبو الحسن: ما عرفت أني أعمل الشعر حتى قلت: البسيط
يجني ويعرف ما يجني فأنكره ... ويدّعي أن الحسنى فأعترف