أدخل؟ قال: أدخل. قال: فدخلت. فقلت له: أجنيّ أنت أم أنسي؟ قال: سبحان الله بل إنسي. قلت: فما أنزلك هاهنا؟ قال: ما لك ولذلك؟ قال: كلمته وقلبته، فجعل يكتمني أمره. قال: قلت إني بت الليلة معك في بيتك. قال: خنتني. قلت: ما خنتك. قال: قد فعلت. قلت: يرحمك الله، إني لم أصنع ذلك لبأس، إني أخوك، وإني طاب خير، وليس عليك من بأس، قال: فسكن. قلت: حدثني ممن أنت؟ قال: أنا من أهل الكوفة. قلت: مذ كم مكثت هنا؟ قال: من سبع سنين. قلت: فما عيشك؟ قال: الله يرزقني. قلت: على ذلك ما عيشك؟ قال: لا أشتهي شيئاً بالنهار إلا وجدته في سلتي. قلت: والطري؟ يعني السمك قال: والطري. قلت: كيف تصنع؟ قال: أكون في النهار في الجبل، فإذا كان الليل أويت إلى هذا البيت من السباع ومن القر. قلت: فرضيت بهذا العيش؟! قال: فكأنه غضب وقال: إن كنت لأحسبك أفقه مما أرى، ومن أعطي أفضل مما أعطيت؟! قد كفاني مؤنتي هذه، ثم أقبل علي فقال: يسرك أن لك بيديك مئة ألف؟ قلت: لا. قال: يسرك أن لك برجليك مئة ألف؟ قال: قلت: لا. قال: يسرك أن لك بعينيك مئة ألف؟ قلت: لا. قال: يسرك أن لك بسمعك مئة ألف؟ قلت: لا. قال: فمن أعطي أفضل مما أعطيت؟! قال: إن مكانك هذا منقطع من الناس، أخاف لو مرضت أو مت أن تضيع، وقد مررت بجبل كذا وكذا فرأيت فيه غاراً، وعند الغار عين تجري، وهو من القرى قريب نحو من فرسخين، فلو تحولت إليهما احب لك من مكانك هذا، وكنت تجمع بين المسلمين، ولو مرضت لم تضع، ولو مت لم تضع، قلت له: فإن عندي جبة مدرعة أحب أن تأخذها فتلبسها. قال: ما شئت. فجئت بالجبة فدفعتها إليه، فأخذها. قال: فتحول إلى المكان الذي نعته. قال: وكاتبني سبع سنين، ثم انقطع كتابه.
[حسان بن أبان البعلبكي]
شاعر.
قال حسان بن أبان: لما قدم سعد بن أبي وقاص القادسية أميراً أتته حرقة بنت النعمان بن المنذر في جوار