وقال المداتني: توفي حسان بن ثابت وهو ابن مئة وأربع سنين محجوباً.
[حسان بن سليمان أبو علي الساحلي]
قال حسان بن سليمان:
كنت رفيقاً لسفيان الثوري زماناً، فحبب إلي الرباط فقلت له: يا أبا عبد الله، إنه قد حبب إلي الرباط، وقد أحببت أن ترداد لي موضعاً، أحبس فيه نفسي بقية أيامي فقال لي: إن الأوزاعي بالشام فأته، فإنه لن يدخر عنك نصيحة. فأتيت بيروت فبت بها، فلما صليت الغداة مع الجماعة قلت لرجل إلى جانبي: أيهم الأوزاعي؟ فأشار إلي بيده، وكان مستقبل القبلة، وكان إذا صلى لم يلتفت عن القبلة حتى تطلع الشمس، فإذا طلعت أسند ظهره إلى القبلة، فمن سأله عن شيء أجابه. فقال: إن يكن عند أحد خبر من سفيان فعند هذا الرجل، فتقدمت فسلمت عليه فقال لي: كيف تركت أخي سفيان؟ فقلت له: بخير، وهو يقرئك السلام. فقلت له: يا أبا عمرو، إني كنت رفيقاً لسفيان زماناً، وإنه حبب إلي الرباط، فسألت أن يرتاد لي موضعاً أحبس فيه نفسي بقية أيامي فقال لي: إن الأوزاعي بالشام فأته، فإنه لن يدخر عنك نصحته، فأتيتك لترتاد لي موضعاً أحبس فيه نفسي بقية أيامي. فقال: عليك بصور، فإنها مباركة، مدفوع عنها الفتن، يصبح فيها الشر فلا يمسي، ويمسي فيها الشر فلا يصبح، بها قبر نبي في أعلاها. فقلت له: يا أبا عمرو، تشير علي بسكنى صور وقد سكنت بيروت! فقال لي: سبق المقدور، ولو أني استقبلت ما استدبرت ما عدلت بها.