أبو نوح الكاتب كان من كتاب المتوكل الذين قدموا معه دمشق. قيل إنه كان على المطبخ والحرس، وكان يكتب للفتح بن ياقان، وامتدحه البحتري وهو عليل فأنشده من قصيدة: من البسيط
إذا اعتللت ذممنا العيش وهو ندٍ ... طلق الجوانب ضافٍ ظله رغد
لو أنا أنفسنا اسطاعت وقيت بها ... حتى تكون بنا الشكوى التي تجد
فقال له أبو نوح: يا أبا عبادة، مانسمع شيئاً حسناً حتى نراك، وقد أمر لك الأمير - يعني الفتح - بمئتي دينار، وقد أضفت إليها مئة لأني لست مثله. فأخذها وانصرف.
ما أكثر الآمال عندي والمنى ... إلا دفاع الله عن حوبائه!
وعلى أبي نوح لباس محبةٍ ... تعطيه محض الود من أعدائه
تنبي طلاقة بشره عن جوده ... فتكاد تلقى النجح قبل لقائه
وضياء وجهٍ لو تأمله امرؤ ... صادي الجوانح لارتوى من مائه
ضرب أحمد بن إسرائيل وأبو نوح بن إبراهيم على باب العامة بالسياط، كل واحدٍ خمس مئة، وحملا إلى منزل محمد بن علي السرخسي فمات أحمد بن إسرائيل في الطريق، ومات عيسى بن إبراهيم في دار الرخسي. وكان سبب ذلك أنهما كلما صالح بن وصيف بحضرة المعتز كلاماً أوحشه، فلما قتل المعتز وبويع المهتدي وصار صالح حاجبه فعل بها ذاك، وقيل: كان ذلك سنة خمسٍ وخمسين ومئتين.