وقيل إن خالد بن الوليد لما قدم بأكيدر على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أسلم وكتب له كتاباً فلما قبض النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منع الصدقة ونقض العهد وخرج من دومة الجندل فلحق بالحيرة وابتنى بها بناء سماه دومة بدومة الجندل.
وروى عوانة بن الحكم، أن أبا بكر كتب إلى خالد بن الوليد وهو بعين التمر يأمره أن يسير إلى أكيدر فسار إليه فقتله، وفتح دومة، وقد كان خرج منها بعد وفاة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثم عاد إليها، فلما قتله خالد مضى خالد إلى الشام.
قال: ولعله أن يكون قتله بدومة الجندل عند الحيرة فهي تقرب من عين التمر.
[ألب رسلان بن رضوان بن تتش]
ابن ألب رسلان التركي ولي إمرة حلب بعد موت أبيه رضوان في جمادى الآخرة سنة سبع وخمس مائة وهو صبي عمره ست عشرة سنة، وتولى تدبير أمره خادم لأبيه اسمه لؤلؤ البابا، ورفع عن أهل حلب بعض ما كان جدد عليهم من الكلف وقتل أخويه ملك شاه، وأميركا، وقتل جماعة من الباطنية وكانت دعوتهم ظهرت في حلب أيام أبيه، ثم كاتب طغتكين أمير دمشق، ورغب في استعطافه، فأجابه طغتكين إلى ذلك، ودعا له على منبر دمشق في رمضان من هذه السنة.
ثم قدم ألب رسلان في هذا الشهر دمشق وتلقاه طغتكين وأهل دمشق في أحسن زي، وأنزله في القلعة بدمشق، وبالغ في إكرامه، فأقام فيها أياماً، ثم عاد إلى حلب في أول شوال، وصحبه طغتكين، فلما وصل إلى حلب لم ير منه طغتكين ما يحب، ففارقه، وعاد إلى دمشق، وساءت سيرة ألب رسلان بحلب، وانهمك في المعاصي، وخافه لؤلؤ البابا فقتله بقلعة حلب في ثاني ربيع الآخر سنة ثمان وخمس مائة.