كان معه، فأوثقهم، وذكر خالد قول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقال خالد لأكيدر: أرأيتك إن أجرتك تفتح لي باب دومة؟ قال: نعم، فانطلق حتى دنا منها، فثار أهلها وأرادوا أن يفتحوا له فأبى عليهم أخوه، فلما رأى ذلك قال لخالد: أيها الرجل خلني فلك الله أن أفتحها لك، إن أخي لا يفتحها ما علم أني في وثاقك، فأرسله خالد وأصحابه، فذكر خالد قول رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والذي أمره.
فقال أكيدر: والله ما رأيتها قطٌّ جاءتنا إلا البارحة - يريد البقر - ولقد كنت أضمر لها إذا أردت أخذها فأركب لها اليوم واليومين، ولكن هذا القدر ثم قال: يا خالد، إن شئت حكمتك وإن شئت حكمتني، فقال خالد: بل نقبل منك ما أعطيت، فأعطاهم ثمان مائةٍ من السبي وألف بعير، وأربع مائة درع، وأربع مائة رمح.
وأقبل خالد بأكيدر إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأقبل معه يحنّه بن رؤيا عظيم أيلة، فقدم على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأشفق أن يبعث إليه كما بعث إلى أكيدر، فاجتمعا عند رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقاضاهما على قضيته على دومة، وعلى تبوك وعلى أيلة وعلى تيماء وكتب لهما كتاباً.
وعن بلال بن يحيى قال: بعث رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أبا بكر رضي الله عنه على المهاجرين إلى دومة الجندل، وبعث خالد بن الوليد على الأعراب معه، وقال:" انطلقوا فإنكم ستجدون أكيدر دومة يقتنص الوحش فخذوه أخذاً، فابعثوا به إلي، ولا تقتلوه وحاصروا أهلها ".
قال: فانطلقوا، فوجدوا أكيدر دومة كما قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأخذوه فبعثوا به إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وحاصروهم، فقال لهم أبو بكر: تجدون ذكر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الإنجيل؟ قالوا: ما نجد له ذكراً، قال: بلى، والذي نفسي بيده إنه لفي الإنجيل مكتوب كهيئة قرست وليست بقرست، فانظروا.
فنظروا، فقالوا: نجد الشيطان خطر خطرة بقلم لا ندري ما هي.
فقال له، رجل من الأنصار أو المهاجرين: أكفر هؤلاء يا أبا بكر؟ فقال: نعم، وإنكم ستكفرون.
فلما كان يوم مسيلمة قال ذلك الرجل لأبي بكر: هذا الذي قلت لنا يوم دومة الجندل إنا سنكفر؟ فقال: لا، ولكن آخر أمامكم.