لي: يا حبيب، هات تسبيحة واحدة سبحتني في ستين سنة لم يظفر بك الشيطان فيها بشيء. فماذا أقول وليس لي حيلة؟ أقول: يا رب هو ذا، قد أتيتك مقبوض اليدين إلى عنقي. قال عبد الواحد: هذا عبد الله ستين سنة مشتغلاً به، ولم يشتغل من الدنيا بشيء قط. فأي شيء يكون حالنا! واغوثاه يا الله، لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
[حبيب بن مسلمة بن مالك الأكبر]
ابن وهب بن ثعلبة بن وائلة بن عمرو بن شيبان بن محارب بن أبو عبد الرحمن ويقال أبو مسلمة ويقال أبو سلمة الفهري صحب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وشهد صفين مع معاوية.
قال حبيب بن مسلمة: شهدت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نفل الربع في البداءة، والثلث في الرجعة.
وأنكر بعض العلماء أن يكون حبيب بن مسلمة غزا مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ويقولون: إنه كان في غزاة تبوك، وهي آخر غزاة غزاها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو ابن إحدى عشرة سنة، وتوفي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وحبيب بن مسلمة ابن اثنتي عشرة سنة.
وعن حبيب بن مسلمة: أنه أتى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو بالمدينة، فأدركه أبوه فقال: يا نبي الله، يدي ورجلي. فقال له النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ارجع معه فإنه يوشك أن يهلك. قال: فهلك في تلك السنة.
روى عبد الله بن أبي مليكة: أن حبيب بن مسلمة قدم على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة غازياً، وأن أباه أدركه بالمدينة، فقال مسلمة للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يا نبي الله، إني ليس لي ولد غيره، يقوم في مالي وضيعتي وعلى أهل بيتي، وأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رده معه. وقال: لعلك أن يخلو لك وجهك في عامك، فارجع يا حبيب مع أبيك. فرجع، فمات مسلمة في ذلك العام، وغزا حبيب فيه.