لانزال نحسن الظن بالرجل من أهل القرأن وأهل المساجد ثم يخلف، قال الزهري: ذلك النقص يا أبا محمود، ثم قال الزهري: إن الناس كانوا في حياة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أهل سنة، ولم يكن لهم كثير عبادة، ولكنهم كانوا يؤدون الأمانة، ويصدقون النية. فلما مات رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هبط الناس درجة، وكانوا على شريعة من أمرهم مع أبي بكر وعمر. فلما مات عمر هبط الناس درجة، وكانوا مع عثمان حسنة علانيتهم لا بأس بحالهم حتى قتل عثمان انتهك الحجاب، وكان الناس في فتنتهم استحلوا الدماء فتقاطعوا وتدابروا حتى انكشفت، ثم ألفهم الله في زمان معاوية بن أبي سفيان رحمه الله، فكانوا أهل دنيا يتنافسون فيها، ويتصنعون لها، ثم حضرتهم فتنة ابن الزبير فكانت الصليم، ثم صلحوا على يدي عبد الملك بن مروان. فأنت منكر معهم ما تذكر من حسن ظنك بهم وخلافهم، فليس يزال هذا الأمر ينقص حتى يكون أسعد أهل الإسلام أصحاب الحمام والكلاب، يعبدون الله على الأمر، ولا يعرفون حلالاً ولا حراماً.
قال عبد الرحمن بن الحارث: سمعت عمير بن هانئ يخطب عند منبر دمشق يقول: يا أيها الناس، إنما الهجرة هجرتان: هجرة مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهجرة مع يزيد.
قال: ورايت زيد بن واقد ومبرد بن سنان أتيا الوليد يحملان رأس الوليد بن يزيد على ترس.
روى في هذه الترجمة عن عبيد الله بن عمر قال: لا تقل للرجل وهو ينازع: اتق الله، فإنه يقبح، وإذا ذكر رجل في قوم بصلاح فلا تقل: سبحان الله، فإنها غيبة، تدافع ذلك عنه، وإذا ذكر رجل من قوم بخير فلا تقل: لا إله إلا الله، فإنها إنكار، وفضل السلام على المعرض رياء، ولا بأس بالقوم إذا كانوا يتزاورون ويتهادون، لا يقطع العرض ذاك أن يكونوا على حالة.