حر، وغراس شريف، عد إلى حديثك. فعاد الشيخ في حديثه. فلما فرغ دعا له بمال فأخذه وقال: يا أمير المؤمنين، ما بي حاجة إليه، ولقد مات من كنت في ذكره، فما أحوجني إلى وقوف في باب أحد بعده، ولولا جلالة أمير المؤمنين وإيثار طاعته ما لبست لأحد بعده ثوباً. فقال له المنصور: مت إذا شئت، لله أنت، فلو لم يكن لقومك غيرك كنت قد أبقيت لهم مجداً مخلداً، وذكراً باقياً. وقيل: إن الربيع هو الذي قال له: كم تترحم على عدو أمير المؤمنين!! فقال له الرجل: مجلس أمير المؤمنين أحق المجالس بشكر المحسن، ومجازاة المجمل. فقال له المنصور: أحسنت بارك الله عليك، وبحسن المكافأة تستحق الصنائع وتزكو العوارف. ثم أدخله في خاصته.
[رجل من أصحاب هشام]
قال الزهري: لقد تكلم اليوم رجل عند أمير المؤمنين، ما سمعت كلاماً أحسن منه. قال له: يا أمير المؤمنين، اسمع مني أربع كلمات فيهن صلاح دينك وملكك وآخرتك ودنياك. قال: ما هن؟ قال: لا تعدن أحداً عدة وأنت لا تريد إنجازها، ولا يغرنك مرتقى سهل إذا كان المنحدر وعراً، واعلم أن للأعمال آخراً فاحذر العواقب، وأن الدهر تارات فكن على حذر.
[رجل علوي]
كان فصيح اللسان، بليغاً، استأذن على هشام بن عبد الملك فأذن له، وهو في موضع مشرف، وأمر أن يعجل به ليقطعه ذلك عن بلاغته، فلما دخل على هشام سلم. فقال: إيها تكلم. قال: حتى يذهب عني بهر الدرجة، وبهجة الخلافة.