حدث أحمد بن أبي الحواري قال: قال أبو سليمان: وجاءنا زبد بعسل فجعله يلعقه العوام منا ولا يأكل منه شيئاً، ونأكل نحن منه، قال: فقلت له: تطعمنا الشهوات؟ وتنهانا عنها، قال: إني أعرف أنكم تشتهونها، فأنا أحب أن أطعمكم شهوتكم، ولو جاءني من يعرف - يعني أهل الزهد - لم أزدهم عن الملح والخبز. قلت له: تطعمنا الزبد بالعسل ولا تأكله؟ قال: إني أخافه، إن الزبد بالعسل إسراف ثم رأيته بعد ذلك في بيت ابن سباع وقد جاءه بسكرجة فيها زبد وعسل ورغيف درمك فأكل منه. فقلت له: يا أستاذ، لم لا تأكله في بيتك وتأكله ها هنا! قال: من أكل ليسر به أخاه لم يضره أكله، إن عامل الله لا يخيب على كل حال، إنما يضره أكله لشهوة نفسه.
قال: وسمعت أبا سليمان يقول: لو أن الدنيا كلها في لقمة ثم جاءني أخي لأحببت أن أضعها في فيه.
حدث أحمد بن أبي الحواري قال: قلت لأبي سليمان: إن عباداً وأحمد بن سباع قد ذهبوا إلى الثغر!! فقال لي: إن الأباق عبيد السوء، والله والله ما فروا إلا منه فكيف يطلبونه في الثغور.
[أحمد بن سعد بن إبراهيم بن سعد]
ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، أبو إبراهيم الزهري سمع بدمشق وبمصر وبالعراق. وروى عنه جماعة. وكان يعد من الأبدال وسكن بغداد وخرج إلى الثغر.
حدث عن يحيى بن عبد الله بن بكير بسنده عن معاذ بن أنس عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: الذكر يفضل على الصدقة في سبيل الله.
وحدث عن أبي أيوب سليمان بن عبد الرحمن بسنده عن أبي سعيد الخدري قال: قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ليس فيما دون خمس أواقٍ صدقة وليس فيما دون خمس ذودٍ صدقة، وليس فيما دون خمسة أوسقٍ صدقة.
حدث أبو إبراهيم الزهري قال: كنت جائياً من المصيصة فمررت باللكام، فأحببت أن أراهم - يعني المتعبدين - هناك، فقصدتهم ووافقت صلاة الظهر، قال: وأحسبه رأى فيهم إنساناً عرفني فقلت له: هل فيكم رجل تدلوني عليه، فقالوا: هذا الشيخ الذي يصلي بنا، فحضرت معهم صلاة الظهر والعصر، فقال له ذلك الرجل: هذا من ولد عبد الرحمن بن عوف، وجده أبو أمه سعد بن معاذ، قال: فبش بي وسلم علي كأنه، مذ كان، يعرفني. قال: فقلت له أنا بالحنبلية: من أين تأكل؟ فقال لي: أنتم مقيم عندنا؟ قلت: أما الليلة فأنا عندكم، قال: ثم مضيت، فجعل يحدثني ويؤانسني حتى جاء إلى كهف جبل، فقعدت، ودخل فأخرج قعباً يسع رطلاً ونصفاً قد أتى عليه الدهور، ثم وضعه وقعد يحدثني حتى إذا كادت الشمس أن تغرب اجتمعت حواليه ظباء فاعتقل منها ظبية، فحلبها حتى ملأ القدح، ثم