[جعفر بن ميسر بن يغنم أبو محمد]
أنشد أبو محمد جعفر بن يغنم بصيدا لمحمد بن عمر الأنباري يرثي نصير الدولة أبا طاهر بن بقية وزير عز الدولة بختيار، حين صلبه عضد الدولة ببغداد سنة تسع وأربع مائة:
علو في الحياة وفي الممات ... بحق أنت إحدى المعجزات
كأن الناس حولك حين قاموا ... وفود نداك أيام الصلات
كأنك قائم فيهم خطيبا ... وكلهم قيام للصلاة
مددت يديك نحوهم اقتفاء ... كمدهما إليهم بالهبات
ولمل ضاق بطن الأرض عن أن ... تضم علاك من بعد الممات
أصاروا الجو قبرك واستنابوا ... عن الكفان ثوب السافيات
لعظمك في النفوس تبيت ترعى ... بحفاظ وحراس ثقات
وتشعل حولك النيران ليلاً ... كذلك كنت أيام الحياة
ولم أر قبل جذعك قط جذعاً ... تمكن من عناق المكرمات
أسأت إلى النوائب فاستثارت ... فأنت قتيل ثأر النائبات
وكنت تجير من صرف الليالي ... فعاد مطالبا لك بالتراب
وصير دهرك الإحسان فيه ... إلينا من عظيم السيئات
ركبت مطيةً من قبل زيد ... علاها في السنين الذاهبات
وتلك فضيلة فيها تأس ... تباعد عنك أسباب الدنات
وكنت لمعشر سعداً فلما ... مضيت تمزقوا بالمنحسات
غليلي باطن لك في فؤادي ... يخفف بالدموع الجاريات
ولو أني قدرت على قيامي ... بفرضك والحقوق الواجبات
ملأت الأرض من نظم المراثي ... ونحت بها خلاف النائحات