ليتهم حين ودعوني وساروا ... رحموا عبرتي وطول اشتياقي
هذه وقعة الفراق فهل ... أحيا ليوم يكون فيه التلاقي؟
[محمد بن الحسن أبو الحسن]
الكفرطابي الأديب كتب أبو الفرج غيث بن علي بخطه: أبو الحسن الدمشقي المعروف بابن الكفرطابي، من أهل الأدب، مليح الشعر، حسن الحفظ، ذو مروءة. حدثني هو، وحدثني جماعة عنه أنه أنفق في المعاشرة على الأصدقاء وفي الصلات والكسى والمركوب أكثر من خمسة آلاف دينار كان خلفها له أبوه. وكان أحد الشهود زمن القاضي الزيدي، ثم ترك ذلك فيما بعد. اجتمعت به بدمشق، وذاكرته من شعره شيئاً لا بأس به، ورأيت رأيه - على ما ظهر لي منه - رأي الفلاسفة والميل إليهم. أنشدني محمد بن الحسن لنفسه: من الكامل
أظننتني من سلوة أنساك ... أعصي الهوى وأطيع فيك عداك
لا تحسبي قلبي يقلبه الهوى ... أبداً، ولا يصفي هوىً لسواك
غادرتني حيران أذرف دمعتي ... وأعالج الزفرات من ذكراك
قد بث سلطان الفراق جيوشه ... في مهجتي، وأظن فيه هلاكي
إن صح عزمك في الفراق فإنني ... يوم الفراق أعد من قتلاك
وكتب أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن صابر بخطه، أنشدنا أبو الحسن لنفسه: من الطويل
ودوح نزلناه فمد ستائراً ... وناب عن القينات فيه حمام
مددنا شراع اللهو في كل روضة ... وطنب فيه للسرور خيام