للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سر يعين في نقص الأعمار، وتقريب الآجال، هيات هيات، قد صحبا نوحاً وعاداً وثموداً وقروناً بين ذلك كثيراً، فأصبحوا قد قاموا على ربهم، ووردوا على أعمالهم، فأصبح الليل والنهار عضين جديدين. لم يبلهما ما مراً به، مستعدين لمن بقي بمثل ما أصاباً به من مضى، وأنت نظير إخوانك وأقرانك وأشباهك مثلك كمثل جسد نزعت قوته، فلم يبق إلا حشاشة نفسه، ينظر للداعي فنعود بالله من مقته إيانا فيما نعظ به مما نقص عنه.

قال عبد ربه بن صالح: دخل أصحابنا على مكحول في مرضه الذي مات فيه، فقال له: أحسن الله عافيتك يا أبا عبد الله. فقال مكحول: اللحاق بمن ترجو خيره خير من المقام عند من لا تأمن شره.

وكان مكحول الغلب عليه الحزن، فدخلوا عليه في مرض موته وهو يضحك، فقيل له في ذلك، فقال: ولم لا أضحك وقد دنا فراق من كنت أحذره، وسرعة القدوم على من كنت أرجوه وأؤمله.

توفي مكحول سنة اثنتي عشرة ومئة، وقيل سنة ثلاث عشرة، وقيل سنة أربع عشرة، وقيل: سنة ست عشرة، وقيل: سنة ثمان عشرة.

[مكلبة بن حنظلة بن حوية]

شهد الروم وقال: إني لفي المسيرة - يعني باليرموك - إذ مر بنا الروم رجال على خيل من خيول العرب، لا يشبهون الروم، وهم أشبه شيء بنا، فما أنسى قول قائل منهم: النجاء يا معشر العرب النجاء! الحقوا بوادي القرى ويثرب وهو يقول: من مجزوء الرجز

<<  <  ج: ص:  >  >>