يا رب، لَتأمُرُ بي النار أهونُ علي من هذا التوبيخ، فيقول له: عبدي، هذا ما بيني وبينك، مغفور لك قد سترته عن الحفَظَة، اذهبوا بعبدي إلى الجنة.
قال: فلربما انقضى المجلس بغير سماع، قال: فيأخذ الناس في البكاء، حتى ينقضي المجلس بغير سماع.
العاص بن سُهيل بن عمرو
ابن عبد شمس بن عبدود بن نضر بن مالك بن حِسل بن عامر بن لؤي بن غالب أبو جندل العامري القرشي له صحبة. وهو صاحب القصة المعروفة في صلح الحديبية. أسلم قبل أبيه، وخرج معه مجاهداً إلى الشام وهلك به.
كان العاص بن سهيل أسلم بمكة، فطرحه أبوه في حديد. فلما كان يوم الحديبية جاء يرسُف في الحديد إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقد كتب سهيل كتاب الصلح بينه وبين رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال سهيل: هو لي، فنظروا في كتاب الصلح فإذا سهيل قد كتب أن من جاءك منا فهو لنا، فرُدَّه علينا، فخلاّه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأبيه، فقام إليه سهيل بغصن شوك، فجعل يضرب به وجهه، فجزع من ذلك عمر بن الخطاب فقال: يا رسول الله، علام نعطي الدنية في ديننا:؟ فقال له أبو بكر الصديق: الزم غرزه يا عمر، فإنه رسول الله حقاً حقاً. فقام عمر، فجعل يمشي إلى جنب أبي جندل والسيف في عنق عمر ويقول لأبي جندل: يا أبا جندل، إن الرجل المؤمن يقتل أباه في الله عزّ وجلّ. قال عمر: فضنّ أبو جندل بأبيه، فلحق بأبي بَصير الثقفي، فكان معه في سبعين رجلاً من المسلمين فرّوا من قريش، وخافوا أن يردهم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إليهم إن طلبوهم، فاعتزلوهم