ثم خرج معي من الكهف، فإذا بسبع قائم، فقال لي: لا تخف، وتكلّم بكلام أظنّه كان بالعبرانية فإني لم أكن أفهمه، ثم قال لي: اذهب خلفه، فإذا وقف فانظر عن يمينك تجد الطّريق إن شاء الله.
فسار السّبع ساعةً ثم وقف، فنظرت فإذا أنا على عقبة دمشق، فدخلت دمشق والنّاس قد انصرفوا من صلاة العصر، فمضيت إلى ابن بزراك أبي نصر مع جماعة، فسرّ سروراً تامّاً.
فحدّثته بحديثي، فقال: أمّا نحن فما رأينا إلاّ واحداً نصرانيّاً.
قال أبو عبد الله: ثم خرجنا مقدار خمسين رجلاً إلى ذلك الجبل، وسرنا فيه في تلك الأودية، وحول الجبل، فلم نقف على موضعه، فقال لي: هذا شيء كشف لك ومنعنا نحن، فرجعنا.
قال: فخرجت إلى الحجّ، فوجدت الرّجل بين المقام وزمزم جالساً بعد العصر، كما وصف، وعليه ثوب شرب ومئزر ذبيقي، وهو قاعد على منديل، وقدّامه كوز نحاس، فسلّمت عليه، فردّ عليّ السّلام، فقلت له: إبراهيم بن نصر الكرمانيّ يقرئك السّلام؛ فقال: وأين رأيته؟ قلت: في جبل لبنان؛ فقال: رحمه الله، قد مات؛ قلت: فمتى مات؟ قال: السّاعة دفنّاه، وكنّا جماعة، ودفنّاه عند إخوانه في الغار الذي كان فيه في جبل لبنان، فلّما أخذنا في غسله جاء ذلك الطّير فما زال يضرب بجناحيه حتى مات، فدفناه ودفنا الطّير عند رجليه؛ ثم قال: ما تقوم إلى الطّواف؟ فقمنا فطفت معه أسبوعين، ثم غاب عنّي!.