قدم قيم عمر بن عبد العزيز بعلبة، وسمع أهله بذلك، فأرسلوا ابناً له صغيراً، ثم أقبل يؤم الدنانير، فقال: امسكوا يديه، ثم رفع يديه فقال: اللهم بغضها إليه كما حببتها إلى موسى بن نصير، ثم قال: خلوه فكأنما رأى بها عقارب.
وقيل: عن موسى قال: والله لو انقادوا لقدتهم حتى أوقفهم على رومية، ثم ليفتحنها الله على يدي - إن شاء الله -.
ودخل موسى إلى مصر سنة خمس وتسعين، وكانت أول عيره بالجيزة وآخرها بثرنوط.
وسار متوجهاً إلى الشام حتى قدم على الوليد بن عبد الملك وتحين يوم الجمعة، فلما جلس الوليد على المنبر أتى موسى بن نصير وقد ألبس ثلاثين رجلاً تيجاناً على كل رجل منهم تاج وثياب ملك ملك التاج، ثم دخلوا المسجد في هيئة الملوك، وأمر بملوك الجزائر أكابر الروم فهبوا وأبناء ملوك البربر وملك الإسبان، وأقبل موسى بن نصير بالثلاثين الذين ألبسهم التيجان حتى دخل بهم مسجد دمشق، والوليد يخطب، فلما رآهم هب إليهم فأقبل حتى سلم على الوليد، ووقف الثلاثون عن يمين المنبر وشماله بالتيجان، فأخذ الوليد في حمد الله والثناء عليه والشكر بما أيده وفتح عليه ونصره، فأطال حتى فات وقت الجمعة، فصلى وانصرف، وأجاز موسى بجائزة عظيمة، وأقام موسى بدمشق حتى مات الوليد، واستخلف سليمان، وكان عاتباً على موسى فحبسه وطالبه بأموال عظيمة.
ولم يزل في يده حتى حج سليمان سنة سبع وتسعين، وحج معه موسى، فمات موسى بالمدينة في هذه السنة، وقيل: توفي بوادي القرى.
[موسى بن نضير]
أبو عمران البعلبكي حدث عن عثمان بن عطاء عن أبيه قال: ما استسقى كبير قط فشرب صغير قبله إلى غارت عين من ماء العيون.