ظالماً أيضاً؛ قالوا: وكيف؟ قال: كنت إمام قومي وصليت ركعتي الفجر وسمعت الإقامة فبادرت فأبصرت عقرباً فكرهت أن أضربها فتنضح علي منها فاكفيت عليها الإناء ثم قلت لها: يا زينب لا تعجلي بتحريك الإناء حتى أقبل؛ فأقبلت فإذا هي تلوى؛ قلت: مالك؟ قالت: ضربتني العقرب؛ قال: أولم أنهك؟ هكذا من خالف؟ لي في هذا عظةً وعبرةً؛ قال: فلو رأيتني يا شعبي وأنا أمغث إصبعها بالماء والملح وأقرأ عليها بفاتحة الكتاب والمعوذتين، وكان لي جارٌ من كندة يقال له: ميسرة بن عدي لا يزال يقرع مريةً له، وذلك حيث يقول: من الطويل
رأيت رجالاً يضربون نساءهم ... فشلت يميني يوم أضرب زينبا
[محمد بن الفضل بن محمد بن المنصور]
كان مع عبد الله بن طاهر حين توجه من دمشق وافتتح مصر وسوغه المأمون خراجها سنةً، فصعد المنبر فلم ينزل حتى أجاز بها كلها ثلاثة آلاف ألف دينار أو نحوها، فقبل أن ينزل أتاه معلى الطائي، وقد أعلموه بما صنع عبد الله بن طاهر بالناس في الجوائز وكان عليه واجداً فوقف بين يديه وقال: أصلح الله الأمير، أنا معلى الطائي، ما كان منك من جفاءٍ وغلظةٍ فلا يغلظ على قلبك ولا يستخفنك ما قد بلغك، أنا الذي أقول: من البسيط
يا أعظم الناس عفواً عند مقدرةٍ ... وأظلم الناس عند الجود للمال
لو يصبح النيل يجري ماؤه ذهباً ... لما أشرت إلى خزنٍ بمثقال
تعنى بما فيه رق الحمد تملكه ... وليس شيءٌ أعاض الحمد بالمال
تفك باليسر كف العسر من زمنٍ ... إذا استطال على قومٍ بإقلال
لم تخل كفك من جودٍ لمختبطٍ ... أو مرهفٍ فاتكٍ في رأس قتال