فراح الندى يهتز بين ثيابه ... ورحنا كأنا عصبةٌ لم تؤسر
ركب سليمان بن عبد الملك وهو خليفةٌ، ومعه محمد بن المنذر وعمر بن عبد العزيز، وسليمان بينهما، فجاء المطلب بن عبد الله على بغلةٍ ليدخل بين سليمان ومحمد بن المنذر، فيتوسط هو وسليمان، فضرب محمد بن المنذر وجه بغلة المطلب، فانقدعت؛ فقال المطلب: ألا ترى يا أمير المؤمنين ما يفعل بقية الفتنة ووضر السيف؟ فقال محمد: فتنةٌ كنت فيها تابعاً غير متبوعٍ، ذنباً غير رأسٍ؛ فقال المطلب: أنا ابن بنت الحكم؛ قال محمد: أدنأهن منكحاً، وأكثرهن مهراً، وأهونهن على أهلها؛ فالتفت سليمان إلى عمر فقال: ألا ترى محمداً يمدحنا بذمنا ويذمنا بمدحنا، فكل ذلك يجوز له عندنا.
وكان محمد بن المنذر من سورات الناس، وأحكمهم، وأشرفهم، وكان إذا مر في الطريق أطفئت النيران تعظيماً له؛ يقولون: هذا محمد بن المنذر لا تدخنوا عليه؛ قال: وانقطع يوماً قبال نعله، فقال لرجله هكذا، فنزع الآخر ومضى، فتركهما ولم يعرج عليهما.
وغاظه رجلٌ من آل خالد بن الزبير، فالتفت إليه فقال: ما قل سفهاء قومٍ قط إلا ذلوا.
[محمد بن المنذر بن سعيد بن عثمان]
ابن رجاء بن عبد الله بن العباس بن مرداس أبو عبد الرحمن، ويقال: أبو جعفر السلمي الهروي، المعروف بشكر محدثٌ مشهورٌ، صاحب رحلةٍ وتصانيف.