ابن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم. ويقال: رحمة بنت ميشا بن يوسف بن يعقوب زوج أيوب عليهم وعلى نبينا الصلاة والسلام. كانت مع زوجها أيوب بأرض البثنية.
لما شط إبليس على أيوب لم يسلط على زوجه ولا على عينيه ولا قلبه ولا لسانه، فكان قلبه للشكر، ولسانه للذكر، وعيناه ينظر بهما إلى السماء. فلما أصابه الجدري جاءت امرأته حتى جلست بين يديه وكانت امرأته رحمة بنت ميشا بن يوسف، وكانت أم ميشا ازليخا امرأة يوسف، وكان قبل يوسف امرأة فوطرقير العزيز الذي كان اشترى يوسف فلما جاءت امرأته إليه فجلست، وجاء إبليس فجلس معها إلى أيوب، فقالت رحمة: يا أيوب، قد هلك الولد وهي تبكي، فجثا إبليس كأنه حاضن ولده، ينوح على ولده وعلى أيوب، يقول: يا أيوب، قد صبرنا على ذهاب المال فكيف بالولد، وكيف لو رأيت حين رضخوا بالحجارة، وكيف تفلقت الهام منهم، وكيف سال الدماغ من مناخرهم، وكيف رضت عظامهم، وكيف تناثرت أحداقهم؛ يا أيوب، فكيف بالصبر بعد هؤلاء على ما نرى بك من هذا البلاء؟ قال: فالتفت إليهما فقال: أما الولد فالله كان أرحم بهم مني ومنك أيتها المرأة يعني امرأته وأما المال، فكان عارية أعارنيه ربي توسعت فيه ما دام عندي، ثم قبضه، فله الحمد؛ وأما أنت يا أيها المتكلف، فما بكاؤك ونوحك؟! اذهب عني، فإني قد رضيت بقضاء ربي وسلمت لأمره. ثم قال لامرأته: يا هذه، دعيني عنك من جزعك، والزمي الصبر، قالت: يا سيدي، أصبر معك في الضيق والبلاء والشدة، كما صبرت في الرخاء والنعيم.
وكذلك كان السلف من آبائنا، إذا ابتلوا صبروا. قال: فانصرف إبليس خائباً