للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المجنون قاعد يهذي، فقلت له: اسكت فقد أقبل أمير المؤمنين، فسكت، فلما جاء الهودج قال: يا أمير المؤمنين، حدثني أيمن بن نائل، حدثنا قدامة بن عبد الله العامري قال: رأيت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمنى على جمل وتحته رحل رث، فلم يكن ثم طرد ولا ضرب ولا إليك إليك، فقلت: يا أمير المؤمنين، إنه بهلول المجنون. قال: قد عرفته وبلغني كلامه، قل يا بهلول. فقال يا أمير المؤمنين، هب أنك ملكت العباد طراً ودان لك العباد فكان ماذا؟ أليس مصيرك إلى قبر يحثو ترابك هذا وهذا، فقال: أجدت يا بهلول أفغيره؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين. من رزقه الله جمالاً ومالاً فعف في جماله وواسى في ماله كتب في ديوان الأبرار، قال: فظن أنه يريد شيئاً، فقال: فإنا قد أمرنا أن نقضي دينك، قال: لا تفعل يا أمير المؤمنين، لا تقض ديناً بدين، اردد الحق إلى أهله، واقض دين نفسك من نفسك، فإن نفسك هذه نفس واحدة، وإن هلكت والله ما انجبرت عليها، قال: فإنا قد أمرنا أن نجري عليك، قال: لا تفعل يا أمير المؤمنين، لا يعطيك وينساني. أجرى علي الذي أجرى عليك لا حاجة لي في إجرائك، ومضى.

هكذا قال: والصواب من الوافر

هب أنك قد ملكت الأرض طراً ... ودان لك العباد فكان ماذا؟

أليس تصير في قبرٍ ويحوي ... تراثك بعد، هذا ثم هذا؟

مات أبو نصر في شوال سنة أربع مئة.

[أحمد بن محمد بن علي بن الحسن]

أبو علي الخزاعي المعروف بابن الزفتي حدث عن أبي سعيد محمد بن أحمد بن عبيد بن فياض بسنده عن عبد الرحمن بن أبي بكرة أن أبا بكرة كتب إلى أبيه أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: لا يقضي الحاكم في شيء وهو غضبان.

توفي أبو علي ابن الزفتي يوم الثلاثاء لإحدى عشرة ليلة خلت من ربيع الأول سنة ست وستين وثلاث مئة.

<<  <  ج: ص:  >  >>