قال: فأسلمت وبايعته وأخبرناه بما سمعنا فقال: ذلك من كلام الجن ثم قال: يا معشر العرب، إني رسول الله إلى الأنام كافة، أدعوهم إلى عبادة الله وحده، وأني رسوله وعبده، وأن يحجوا البيت، ويصوموا شهراً من اثني عشر شهراً، وهو شهر رمضان، فمن أجابني فله الجنة نزلاً وثواباً، ومن عصاني فله النار منقلباً. قال: فأسلمنا وعقد لنا لواء وكتب لنا كتاباً نسخته: بسم الله الرحمن الرحيم. من محمد رسول الله، لزمل بن عمرو ومن أسلم معه خاصة، إني بعثته إلى قومه عامة، فمن أسلم ففي حزب الله ورسوله، ومن أبى فله أمان شهرين. شهد علي بن أبي طالب، ومحمد بن مسلمة الأنصاري.
قال: غريب جداً.
[الحارث بن هشام بن المغيرة]
ابن عبد الله بن عمر بن مخزوم أبو عبد الرحمن المخزومي له صحبة. أسلم يوم الفتح، ثم حسن إسلامه. وخرج إلى الشام مجاهداً وحبس نفسه في الجهاد. ولم يزل بالشام إلى أن قتل باليرموك. ويقال: مات بطاعون عمواس.
حدث عبد الرحمن بن سعد المقعد عن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن أبيه أنه قال: يا رسول الله، حدثني بأمر أعتصم به. قال: املك عليك هذا. وأشار إلى لسانه. قال عبد الرحمن: فرأيت ذلك يسيراً، وكنت قليل الكلام، فلم أفطن له، وإذا ليس شيء أشد منه.
حدث عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن أبيه قال: رأيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حجته، وهو واقف على راحلته، وهو يقول:" والله إنك لخير أرض الله، وأحب أرض الله إلي، ولولا أني أخرجت منك ما خرجت ". قال: فقلت ولم أبين: يا ليتنا لم نفعل فارجع إليها، فإنها منبتك ومولدك. فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" إني سألت ربي فقلت: اللهم إنك أخرجتني من أحب أرضك إلي، فأنزلني أحب أرضك إليك، فأنزلني المدينة ".