للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دعه، فإن الحياء من الإيمان.

توفي أبو علي الحسن بن محمد في ذي القعدة سنة خمس وتسعين وثلاث مئة.

[الحسن بن محمد الصالح بن الحسن]

ابن الحسين المتهجد بن عيسى ابن يحيى بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب أبو محمد الحسيني الزيدي ولي قضاء دمشق.

حدث عن أبي علي الحسين بن داود بن سليمان القرشي النقار بالكوفة، قال: كنت أقرىء الناس القرآن بالكوفة، وكان جماعة القطيعة يجتمعون إلى أسطوانة في الجامع قريبة من الحلقة التي أعلم الناس فيها، فكانوا يقولون: هذا الشيخ يعلم الناس القرآن من كذا وكذا سنة، لا يأجره الله ولا يثيبه، لأنه هذا القرآن قد غير وبدل، ويخوضون في هذا، فكان يألم قلبي ويمنعني من أذيتهم التقية، فطال ذلك علي.

فلما كان عشية يوم خميس، اجتمعوا على العادة وتكلموا كما كانوا يتكلمون، وأكثروا في ذلك، وأسرفوا في القول وانصرفوا.

فرحت عشية ذلك الوقت وأنا مغموم مهموم لكلامهم، فلما أخذت مضجعي ونمت رأيت رسول اله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقلت: إلى الله وإليك المشتكي يا رسول الله، قال: مم؟ فقلت كم قزم يجيئون فيقولون: إني ألقن القرآن من سبعين سنة، لا يأجرني الله عليه، وإن هذا القرآن قد غير وبدل.

فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عقب، فعقبت وابتدأت فقرأت القرآن عليه من الحمد إلى قل أعوذ برب الناس. فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هكذا أنزل علي، وهذا أقرأت القرآن.

فانتبهت والفجر قد اعترض، فخررت لله ساجداً، شكراً لله، وحمدته كثيراً، وقمت إلى المسجد، فصليت الفجر وانثنيت فحدثت أصحابي بما رأيته وقلت: قد كان يمنعني من هؤلاء القوم التقية، وبعد هذا فلا تقية، فإذا جاؤوا ورأيتموني قد قمت فقوموا، وما عملت فاعملوا.

<<  <  ج: ص:  >  >>