للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والخديعة. ألا وكل ذلك في النار. ألا فلا يقربنا من أولئك أحد ولاسيما خالد بن عبد الله، وعبد الله بن الأهتم، فإنهما رجلان بينان وبعض البيان يشبه السحر. ألا وإن كل راع مسؤول عن رعيته، وكلأ وزير مأخوذ بجنايته، ومعروض عليه قوله، لا إقالة له فيه، فمن صحبنا بخمس، فأبلغنا حاجة من لا يستطيع إبلاغها، ودلنا على ما لاهتدى له من العدل، وأعاننا على الخير، وترك مالا يعنيه، وأدى الأمانة التي حملها منا ومن جماعة المسلمين فحيهلا به، ومن كان على غير ذلك ففي غير حل من صحبتنا، والدخول علينا. ثم جاء مزاحم فقال: يا أمير المؤمنين، هذا محمد بن كعب بالباب، قال: أدخله. فلما دخل - وعمر يمسح عينيه من الدموع - قال: ما الذي أبكاك يا أمير المؤمنين؟ قال هشام: فأخبرته الحديث، فقال محمد: يا أمير المؤمنين، إنما الدنيا سوق من الأسواق، فمنها خرج الناس بما ضرهم، ومنها خرجوا بما نفعهم، وكم من قوم قد غرهم مثل الذي أصبحنا فيه حتى أتاهم الموت، فاستوعبهم، فخرجوا منها ملومين، لم يأخذوا منها لما أحبوا من الآخرة عدة، ولا لما كرهوا جنة، واقتسم ما جمعوا من لا يحمدهم، وصاروا إلى من لا يعذرهم، فنحن محقوقون أن ننظر إلى تلك الأعمال التي نغبطهم بها أن نخلفهم فيها، وأن ننظر إلى تلك الأعمال التي نتخوف عليهم منها أن نكف عنها، فاتق الله يا أمير المؤمنين، واجعل عقلك في شيئين: انظر الذي يجب أن يكون معك إذا قدمت على ربك فابتغ به البدل حيث يوجد البدل، ولا تذهبن إلى سلعة قد بارت على من كان قبلك ترجو أن تجوز عنك، فاتق الله يا أمير المؤمنين، وافتح الأبواب، وسهل الحجاب، وانصر المظلوم، ورد المظالم. ثلاث من كن فيه استكمل الإيمان بالله عز وجل: من إذا رضي لم يدخل رضاه في الباطل، وإذا غضب لم يخرجه غضبه من الحق، وإذا قدر لم يتناول ما ليس له.

[هشام بن مطيع الدمشقي]

أحد شيوخ الصوفية. كان أحسن خلق الله كلاماً. نظر يوما إلى رجل، يساوم بغلام جميل ليشتريه، فقام ينظر حتى قطع أمره مع صاحبه، وهم أن يزن له، فجلس إلى جانبه، فقال: يا أخي، إني ما عرفتك، ولا عرفتني، ولا كلمتك، ولا كلمتني،

<<  <  ج: ص:  >  >>