بأذرعات خرج أبو معاوية الأسود إلى عابد بأذرعات. قال: فأقمت عليه ثلاثة أيام لا يكلمني، فقلت: اللهم وفقه لكلامي. فأقبل علي وقال: يا أسود، من أين قدمت؟ من الحج أو من العمرة؟ أو نفدت نفقتك؟ قلت: ما جئت من حج ولا من عمرة، ولا نفدت نفقتي. قال: فما جاء بك؟ قلت: جئت لعلي أسمع منك كلمة أنتفع بها. فقال لي: يا أسود، أنت بمطربليطا النصراني أوثق منك بالله عز وجل. قلت: معاذ الله. فقال: الساعة تقر، أخبرني لو أن مطربليطا النصراني قال لك: اجعل غداءك وعشاءك عندي، أكنت واثقاً به؟ قلت: نعم. قال: فالله قد ضمن لك الغداء والعشاء، فهل ألقيت هم ذلك عنك؟ قلت: حسبي.
[شيخ متعبد]
قال ذو النون: رأيت شيخاً مجنوناً بدمشق مصفاراً، بيده ركوة وعكازة، وقد كتب على جيبه من ورائه: من السريع
حتى متى يا شيخ لا تستحي ... يراك مولاك مع الغافلين
ما تستحي منه وما ترعوي ... غطى خطاياك عن العالمين
مشاك بين الناس في ستره ... وأنت معكوف مع الفاسقين
وعلى كمه الأيمن مكتوب: من الوافر
عجبت لمن ينام وذو المعالي ... ينادي يا عباد أنا البذول