خطاياه، كما يحط الغصن من ورق الشجرة، وتبتدره اثنتان من الحور العين، وتمسحان التراب عن وجهه، وتقولان: فدانا لك، ويقول: فدانا لكما، فيكسى مئة حلة، ولو وضعت بين أصبعي هاتين لوسعتاهما، ليست من نسيج بني آدم، ولكنها من ثياب الجنة، إنكم مكتوبون عند الله بأسمائكم وسماتكم ونجواكم وخلالكم ومجالسكم، فإذا كان يوم القيامة قيل: يا فلان، هذا نورك، يا فلان لا نور لك، وإن لجهنم جناباً من ساحل كساحل البحر، فيه هوام، حيات كالبخاتي، وعقارب كالبغال الدك أو كالدك البغال. فإذا سأل أهل النار التخفيف قيل: اخرجوا إلى الساحل، فتأخذهم تلك الهوام، شفاههم وجنوبهم، وما شاء الله من ذلك، فتكشطها، فيرجعون، فيبادرون إلى معظم النار، ويسلط عليهم الجرب، حتى إن أحدهم ليحك جلده حتى يبدو العظم، فيقال: يا فلان، هل يؤذيك هذا؟ فيقول: نعم، فيقال له: ذلك بما كنت تؤذي المؤمنين.
توفي يزيد بن شجرة الرهاوي سنة ثمان وخمسين. غزا فأصيب هو وأصحابه.
[يزيد بن شجعة الحميري من دمشق.]
لما أتى معاوية خبر عثمان أرسل إلى حبيب بن مسلمة الفهري، فقال: إن عثمان قد حصر، فأشر علي برجل لأمري ولا يقصر. فقال: ما أعرف ذلك غيري، فقال: أنت لها، فأشر علي برجل أبعثه على مقدمتك، لا يتهم رأيه ولا نصيحته، وعجله في سرعان الناس. قال: أمن جندي أم من غيرهم؟ فقال: من أهل الشام، فقال: إن أردته من جندي أشرت به عليك، وإن كان من غيرهم فإني أكره أن أغرك بمن لا علم لي به، قال: فهاته من جندك، قال: يزيد بن شجعة الحميري، فإنه كما تحب. فإنهم لفي ذلك غذ قدم الكتاب بالحصر، فدعاهما ثم قال لهما: النجاء، سيراً، فأعينا أميرالمؤمنين، وتعجل أنت يا يزيد، وإن قدمت يا حبيب، وعثمان حي فهو الخليفة والأمر أمره، فانفذ لما يأمرك به، وإن وجدته قد قتل فلا تدعن أحداً أشار إليه ولا أعان عليه إلا قتلته،