وضوى إليه الفل، وبقية الناس، وأهل الحسبة، حتى صار في آلاف دون العشرة. فأخبر أن صاحب خزر وجه بما غنم من بلاد المسلمين من النساء والذرية وغيرهم من أهل ذمتهم مع طرخانٍ من طراخنته في نحوٍ من عشرين ألفاً أو قال: ثلاثين ألفاً إلى بلاده، فدعا المسلمين إلى قتالهم ولقائهم، فأجابوه إلى ذلك، فسار بمن معه، حتى لقيهم بهم، فقاتلوهم قتالاً شديداً، فنصرهم الله عليهم، فاستنقذ جميع ما كان من ذلك والذرية، ثم ثبت لهم معسكراً، ليعترض من مر به منهم، فانتخبوا الأبطال والفرسان منهم يعني من خزر ثلاثين ألفاً أو قالا: أكثر منها فاقتتلوا قتالاً شديداً، فهزمهم الله، وقتلوهم مقتلة لم يقتلها قوم قط، وبلغ ذلك الطاغية، وقد بلغه إقبال مسلمة بن عبد الملك بالجموع، فولى قافلاً إلى بلاده. وكان قتل الجراح سنة اثنتي عشرة ومئة.
ولما ولى ابن هبيرة سعيد بن عمرو الحرشي خراسان قال له: يا سعيد، اجعل حاجبك عاقلاً، فإنه وجهك ولسانك والمخبر عنك والمؤدي إليك، وعليك بعمال العزر. قال: وما عمال العزر؟ قال: من شاورت فيه العامة فأشاروا عليك به، فإنهم إن أحسنوا كان حسنهم لك، وإن أساؤوا اتسع العذر بينك وبينهم وبين الناس.
قال الأصمعي: دخل سعيد بن عمرو الحرشي على هشام، فأهوى إلى يده ليقبلها، فلما ولى قال: كنت أظن هذا أرجح مما هو. فقيل له: يا أمير المؤمنين، إنه لراجح، ولكنه كان بخراسان، وهذا من سنتهم.
[سعيد بن عمرو بن جعدة]
ابن هبيرة بن أبي وهب بن عمرو بن عايذ بن عمران بن مخزوم بن يقظة بن مرة القرشي المخزومي الكوفي حدث سعيد بن عمرو عن أبي عبيدة عن عبد الله قال: سئل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ليلة القدر فقال: أيكم يذكر ليلة الصهباوات؟ قال: فقال عبد الله: أنا بأبي أنت وأمي يا رسول الله، وبيدي تمرات أتسحرهن وأنا مستتر من الفجر، حين طلع الفجر، وذلك ليلة سبع وعشرين إن شاء الله.