أعتبت أن عتبت عليك صدوف ... وعتاب مثلك مثلها تشريف
لا تقعدن تلوم نفسك دائباً ... فيها وأنت بحبها مشغوف
إن القطيعة لا يقوم بمثلها ... إلا القوي ومن يحب ضعيف
الحب أملك بالفتى من نفسه ... والذل فيه مسلك مألوف
قال: فضحك، وجعل ذلك سبباً لصلحها، وقضى حوائج القرشي كلها.
[شاعر]
قال الفضل بن الوضاح، صاحب قصر الوضاح: خرجت مع المنصور إلى مروان بن محمد، فصحبنا في الطريق رجل ضرير كان عنده أدب ومعرفة فاستجلاه المنصور وقال له: من تقصد؟ قال: أمير المؤمنين مروان. قال: في أي شيء؟ قال: في شعر أمتدحه به. قال: أنشدنيه. فأنشده: من الخفيف
ليت شعري أفاح رائحة المس ... ك وما إن إخال بالخفيف أنسي
حين غابت بنو أمية عنه ... والبهاليل من بني عبد شمس
خطباء على المنابر فرسا ... ن عليها وقالة غير خرس
لا يعابون صامتين وإن قا ... لوا أصابوا ولم يقولوا بلبس
بحلوم إذا الحلوم استخفت ... ووجوه مثل الدنانير ملس
قال المنصور: فما أتمها حتى ظننت أن العمى قد أخذني من حسدي بني أمية عليها.
ثم حج المنصور سنة ثلاث وأربعين ومئة وهو خليفة، وكان قد نوى أن يمشي حتكاً وروداً، فإنه ليمشي إذ بصر بالضرير فأتي به فقال: ما صنع بك مروان؟ قال: أغناني فلا أسأل بعده أحداً شيئاً. قال: ما أعطاك؟ قال: أعطاني أربعة آلاف دينار، وعشرة