حدث واصل قال: أسر غلام من بني بطارقة الروم جميل، ووقع إلى الخليفة في زمن بني أمية، فسماه بشيراً، وكتب وقرأ القرآن وروى الشعر وطلب الأحاديث وحج.
فلما بلغ واجتمع وسوس إليه الشيطان وذكره النصرانية، فارتد وهرب، فأتى ملك الطاغية، فسأله عن حاله وما كان فيه، وما الذي دعاه إلى دخول النصرانية، فأخبره برغبته فيه، فعظم في عين الملك، فرأسه وصيره بطريقاً من بطارقته.
وكان من قضاء الله أنه أسر ثلاثون نفراً مسلمون، فدخلوا على بشير، وساءلهم رجلاً عن دينهم.
وكان منهم شيخ من دمشق اسمه واصل، فساءله بشير، فأبى الشيخ أن يرد عليه شيئاً، فقال بشير: مالك لا تجيبني؟ قال: لا أجيبك اليوم بشيء. قال بشير: فإني مسائلك غداً.
فلما كان الغد بعث بشير فأقبل إليه الشيخ، فقال بشير: الحمد لله الذي كان قبل أن يكون شيء، وخلق سبع سماوات طباقاً بلا عون كان معه من خلقه، ثم دحا سبع أرضين طباقاً بلا عون كان معه من خلقه، فعجب لكم معاشر العرب حين تقولون:" إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون "! فسكت الشيخ: فقال له بشير، مالك لا تجيبني؟ قال: كيف أجيبك وأنا أسير في يديك؟ إن أجبتك بما تهوى أسخطت علي ربي، وهلكت في ديني، وإن أجبتك بما لا تهوى خفت على نفسي، فأعطني عهد الله وميثاقه وما أخذ الله على النبيين، وما أخذ