النبيون على الأمم أنك لا تغدر بي ولا تمحل بي ولا تبغي بي باغية سوء، وأنك إذا سمعت الحق تنقاد له، فأعطاه بشير عهد الله.
فقال الشيخ: أما ما وصفت من صفة الله فقد أحسنت الصفة، وما لم يبلغ علمك، ولم يستحكم عليه رأيك أكثر، والله أعظم وأكبر مما وصفت، ولا يصف الواصفون صفته.
وأما ما ذكرت من هذين الرجلين فقد أسأت الصفة، ألم يكونا يأكلان الطعام ويشربان، ويبولان ويتغوطان، وينامان ويستيقظان، ويفرحان ويحزنان؟ قال: بشير: بلى. قال الشيخ: فلم فرقت بينهما؟ قال بشير: لأن عيسى بن مريم كان له روحان اثنتان في جسد واحد، روح يعلم بها الغيوب وما في قعر البحار وما ينجاب من ورق الأشجار، وروح يبرئ بها الأكمه والأبرص ويحيي الموتى.
قال الشيخ: فهل كانت القوية تعرف موضع الضعيفة منهما؟ قال بشير: قاتلك الله ماذا تريد أن تقول إن قلت: إنها لا تعلم؟ وماذا تريد أن تقول: إن قلت: إنها تعلم؟ قال الشيخ: إن قلت: إنها تعلم، قلت: فما تعني قوتها حين لا تطرد هذه الآفات عنها؟ وإن قلت: إنها لا تعلم، قلت: فكيف تعلم الغيوب، ولا تعلم موضع روح معها في جسد واحد؟ فسكت بشير.
فقال الشيخ: أسألك بالله هل عبدتم الصليب مثلاً لعيسى بن مريم أنه صلب؟ قال: نعم. قال الشيخ: فبرضاً كان منه أم بسخط؟ قال بشير: هذه أخت تلك، ماذا تريد أن تقول: إن قلت: برضاً منه؟ وماذا تريد أن تقول: إن قلت: بسخط؟ قال الشيخ: إن قلت: برضاً منه قلت: لقد قلتم قولاً عظيماً، فلم تلام اليهود إذا أعطوا ما سألوا وأرادوا؟ وإن قلت: بسخط، قلت فلم تعبد ما لا يمنع نفسه؟ ثم قال الشيخ لبشير: نشدتك بالله، هل كان عيسى يأكل الطعام ويشرب ويصوم