للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويصلي، ويبول ويتغوط، وينام ويستيقظ، ويفرح ويحزن؟ قال: نعم.

قال الشيخ: لمن كان يصوم ويصلي؟ قال: لله عز وجل.

ثم قال بشير: والضار النافع، ما ينبغي لمثلك أن يعيش في النصرانية، أراك رجلاً قد تعلمت الكلام، وأنا رجل صاحب سيف، ولكن غداً نأتيك بمن يخزيك الله على يديه.

فلما كان من الغد أحضر بشير الشيخ وعنده قس عظيم اللحية، فقال له بشير: إن هذا رجل من العرب له حلم وعقل وأصل في العرب، وقد أحب الدخول في ديننا، فكلمه حتى تنصره.

فسجد القس لبشير، فقال: قديماً أتيت إلى الخير، وهذا أفضل ما أتيت إلي، ثم أقبل القس على الشيخ فقال: غداً أغطسك في المعمودية، غطسة تخرج منها كيوم ولدتك أمك، قال الشيخ: وما هذه المعمودية؟ قال: ماء مقدس، قال الشيخ: من قدسه؟ قال: قدسته أنا والأساقفة قبلي، قال الشيخ: فهل يقدس الماء من لا يقدس نفسه؟ فسكت القس، ثم قال: إني لم أقدسه أنا، قال الشيخ: فكيف كانت القصة؟ قال: إنما كانت سنة من عيسى بن مريم، قال الشيخ: فكيف كان الأمر؟ قال القس: إن يحيى بن زكريا أغطس عيسى بن مريم بالأردن غطسة، ومسح برأسه، ودعا له بالبركة.

قال الشيخ: واحتاج عيسى إلى يحيى يمسح رأسه، ويدعو له بالبركة؟ فاعبدوا يحيى، خير لكم من عيسى.

فسكت القس، واستلقى بشير على فراشه، وأدخل كمه في فيه، وجعل يضحك، وقال للقس، أخزاك الله، دعوتك لتنصره، فإذا أنت قد أسلمت.

وبلغ أمر الشيخ الملك، فبعث إليه، فقال: ما هذا الأمر الذي بلغني عنك، وتنقص ديني؟ قال الشيخ: إن لي ديناً كنت ساكتاً عنه، فلما سئلت عنه لم أجد بداً من الذب عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>