فخرج الحارث يوماً، فوضع التاج على رأسه فأذن لي عليه، فدفعت إليه كتاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقرأه ثم رمى به، ثم قال: ومن ينزع ملكي؟ أنا سائر إليه، ولو كان باليمن جئته، علي بالناس. فلم يزل يفرض حتى الليل، وأمر بالخيول تنعل، ثم قال: أخبر صاحبك بما ترى.
قال: وكتب إلى قيصر يخبره خيري وكتاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إليه، فيصادف قيصر بإلياء وعنده دحية، فدفع إليه بكتاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقرأه قيصر، ثم كتب إليه: ألا تسير إليه، وله عنه، ووافني بإيلياء.
قال: ورجع الكتاب وأنا مقيم. قال: فلما جاءه جواب الكتاب دعاني فقال: متى تريد أن تخرج إلى صاحبك؟ قال: فقلت: غداً. قال: فأمر لي بمئة مثقال من ذهب، قال: ووصلني بكسوة ونفقة، وقال: أقرئ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مني السلام، وأخبره أني متبع دينه.
قال شجاع: فقدمت على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأخبرته بما قال لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" صدق ".
ومات ابن أبي شمر عام الفتح، ووليهم جبلة بن الأيهم، وكان ينزل الجابية، وكان آخر ملوك غسان، فأدركه عمر بن الخطاب، وأسلم فلاحي رجلاً من مزينة فلطم عينه، فجاء به إلى عمر بن الخطاب فقال: تأخذ لي بحقي. فقال عمر: ألطم عينه، فقال جبلة: عيني وعينه سواء؟ قال عمر: نعم. قال جبلة: لا أقيم بهذه الدار أبداً، فلحق بعمورية مرتداً، حتى مات على ردته؛ وكان الحارث بن أبي شمر نازلاً بجلق.
[مزاحم بن خاقان]
أحد قواد المتوكل، قدم معه دمشق سنة ثلاث وأربعين ومئتين.