وما كل برقٍ لاح لي يستفزني ... وما كل من في الناس أرضاه منعما
ولكن إذا ما اضطرني الأمر لم أزل ... أقلب فكري منجداً ثم متهما
إلى أن أرى من لا أغص بذكره ... إذا قلت: قد أسدى إلي وأنعما
وكم طالبٍ ديني بنعماه لم يصل ... إليه ولو كان الرئيس المعظما
وأكرم نفسي أن أضاحك عابساً ... وأن أتلقى بالمديح مذمما
ولكن إذا ما فاتني الأمر لم أبت ... أقلب كفي إثره متندما
ولكنه إن جاء عفواً قبلته ... وإن مال لم أتبعه هلا وليتما
فكم نعمةٍ كانت على الحر نقمةً ... وكم مغنمٍ يعتده الحر مغرما
وماذا عسى الدنيا وإن جل خطبها ... ينال بها من صير الصبر مطعما
[محمد بن هشام بن إسماعيل]
ابن هشام ابن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي المخزومي ولاه ابن أخيه هشام بن عبد الملك مكة والمدينة، وأقدمه الوليد بن يزيد الشام معزولاً.
أتي محمد بن هشام بامرأةٍ حملت من الزنى، وقد كانت تحت عبدٍ، فأرسل محمد إلى مكحول الدمشقي وعطاء بن أبي رباح، فسألهما عن ذلك فقال مكحول: قد سمعت أنه يحصنها ولست آمرك فيها بشيء؛ وقال عطاء: لا يحصنها.
لما كان محمد بن هشام بن إسماعيل على مكة، جلس في الحجر فاختصم إليه عيسى بن عبيد الله وعثمان بن أبي بكر بن عبيد الله وعثمان بن أبي بكر بن عبيد الله الحميديان، فتوجه القضاء على أحدهما، فقال محمد بن هشام: أيا ابن الوحيد، والله لأقضين بينكما بقضاءٍ يتحدث به أهل القريتين، لأقضين بينكما قضاءً مغيرياً؛ فقال عثمان: صه ادن حبواً، أتدري من الرجل معك؟ أزهر أزهر، المتسربل المجد، معه إزاره ورداؤه؛ وقال عيسى بن عبيد الله: نوهت بماجدٍ لماجدٍ، بكر بكر، والله ما أنا بنافخ كيرٍ، ولا ضارب زيرٍ، ولو بقيت قدماي لانتثرت