ويقال الحارث بن عبد الرحمن بن سعد المتنبي دمشقي مولى أبي الجلاس العبدري القرشي، ويقال مولى مروان بن الحكم.
قال عبد الرحمن بن حسان: كان الحارث الكذاب من أهل دمشق، وكان مولى لأبي الجلاس، وكان له أب بالحولة، فعرض له إبليس، وكان رجلا متعبداً زاهداً، لو لبس جبة من ذهب لرئيت عليه زاهدة، قال: وكان إذا أخذ في التحميد، لم يسمع السامعون إلى كلام أحسن من كلامه. قال: فكتب إلى أبيه وهو بالحولة، يا أبتاه، أعجل علي، فإني قد رأيت أشياء أتخوف أن يكون الشيطان قد عرض لي، قال: فزاده أبوه عناء، فكتب إليه أبوه: يا بني، أقبل على ما أمرت به، إن الله يقول:" تنزل الشياطين، تنزل على كل أفاك أثيم ". ولست بأفاك ولا أثيم، فامض لما أمرت به. وكان يجيء إلى أهل المسجد رجلاً فيذاكرهم أمره، ويأخذ عليهم بالعهد والميثاق إن هو رأى ما يرضى قبل، وإلا كتم عليه؟ قال: وكان يريهم الأعاجيب، كان يأتي إلى رخامة في المسجد فينقرها بيده فتسبح؛ قال: وكان يطعمهم فاكهة الصيف في الشتاء، وكان يقول لهم: اخرجوا حتى أريكم الملائكة. قال: فيخرجهم إلى دير المران، فيريهم رجالاً على جبل. فتبعه بشر كثير، وفشا الأمر في المسجد وكثر أصحابه، حتى وصل الأمر إلى القاسم بن مخيمرة. قال: فعرض على القاسم وأخذ عليه العهد والميثاق، إن هو رضي أمراً قبله، وإن كرهه كتم عليه. فقال له: إني نبي، فقال له القاسم: كذبت يا عدو الله، ما أنت بنبي، ولا لك عهد ولا ميثاق. قال: فقال له أبو إدريس: بئس ما صنعت إذ لم تلين حتى تأخذه، الآن يفر. قال: وقام من مجلسه حتى دخل على عبد الملك فاعلمه بأمر حارث، فبعث عبد الملك في طلبه فلم يقدر عليه، وخرج عبد الملك فنزل الصنبرة. قال: فاتهم عامة عسكره بالحارث أن يكونوا يرون رأيه.