قال محمد بن نصر: خرجت من مصر ومعي جاريةٌ لي، فركبت البحر أريد مكة، فغرقت، فذهب مني ألفا جزءٍ، وصرت إلى جزيرةٍ أنا وجاريتي، فما رأينا فيها أحداً، وأخذني العطش، فلم أقدر على الماء، وأجهدت، فوضعت رأسي على فخذ جاريتي مستسلماً للموت، فإذا رجلٌ قد جاءني، ومعه كوزٌ فقال: هاه، فأخذت فشربت، وسقيت الجارية، ثم مضى، فما أدري من أين جاء ولا إلى أين ذهب قال الأمير بن إسماعيل بن أحمد: كنت بسمرقند، فجلست يوماً للمظالم، وأخي إسحاق إلى جنبي، إذ دخل محمد بن نصر فقمت له إجلالاً لعلمه، فلما خرج عاتبني أخي إسحاق وقال: أنت والي خراسان، يدخل عليك رجلٌ من رعيتك، فتقوم له فبهذا ذهاب السياسة؛ فبت تلك الليلة وأنا متقسم القلب بذلك، فرأيت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المنام، كأني واقفٌ مع أخي إسحاق، فأخذ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعضدي فقال لي:" يا إسماعيل ثبت ملكك وملك بنيك بإجلالك لمحمد بن نصر " ثم التفت إلى إسحاق فقال: " ذهب ملك إسحاق وملك بنيه باستخفافه لمحمد بن نصر ".
توفي محمد بن نصر سنة أربعٍ وتسعين ومئتين، وقيل: سنة اثنتي عشرة وثلاث مئة؛ وهو وهمٌ.
[محمد بن نصر الدمشقي]
قال: سمعت أبا إسحاق الرملي، يقول: كان عندنا رجلٌ يشير إلى الحقائق ويلحقه الوجد مع كل لحظةٍ ولفظةٍ، ثم غلب على عقله وخولط، فجعل يدور في المقابر ويدخل المدينة فيأخذ القوت ويخرج هارباً بين المقابر ويردد: من مخلع البسيط