قال عوف بن مالك: فتمنّيت أن أكون الميّت لدعاء رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لذلك الميّت.
قال خليفة: وفي سنة ثلاث وسبعين مات عوف بن مالك الأشجعيّ من أصحاب النّبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
عون بن إبراهيم بن الصّلت الشّاميّ
حدّث عن عمرو بن عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار، مولى بني أميّة، بسنده إلى عائشة: عن النّبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أنه كان قاعداً وحوله نفر من المهاجرين والأنصار، وهم كثير، إلى أن قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" إنّما مثل أحدكم ومثل ماله ومثل أهله كمثل رجل له إخوة ثلاثة؛ فقال لأخيه الذي هو ماله حين حضرته الوفاة، ونزل به الموت: ما الذي عندك، فقد نزل بي ما ترى؟ فقال أخوه الذي هو ماله: مالك عندي غناء، ومالك عندي نفع، إلاّ ما دمت حيّاً، فخذ منّي الآن ما أردت، فإني إذا فارقتك سيذهب بي إلى مذهب غير مذهبك، وسيأخذني غيرك ". فالتفت النّبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال:" هذا أخوه الذي هو ماله، فأيّ أخ ترونه؟ " قالوا: ما نسمع طائلاً يا رسول الله. " ثم قال لأخيه الذي هو أهله وقد نزل به الموت: قد حضرني ما ترى، فما عندك؟ " قال: لك عندي أن أمرّضك، وأقوم عليك، وأعينك، فإذا متّ غسّلتك وحنّطتك وكفّنتك، وحملتك في الحاملين، ثم أرجع عنك فأثني عليك بخير عند من سألني عنك " فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للّذي هو أهله: " أيّ أخ ترونه؟ " قالوا: ما نسمع طائلاً يا رسول الله. ثم قال لأخيه الذي هو عمله: ماذا لديك؟ قال: أشيّعك إلى قبرك، وأونس وحشتك، وأهب بهمّك، وأقعد في كفنك، وأتشوّل بخطاياك، فقال النّبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أيّ أخ ترون هذا الذي هو عمله؟ " قالوا: خير أخ يا رسول الله. قال: " فإن الأمر هكذا ".
قالت عائشة: فقام عبد الله بن كرز على رأس رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا رسول الله، أتأذن أن أقول على هذا شعراً؟ قال: " نعم ". قالت عائشة: فما بات إلاّ ليلته تلك حتى غدا عبد الله بن كرز، واجتمع المسلمون لما سمعوا من تمثيل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الموت وما فيه.