للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[صالح بن سويد]

ويقال: ابن عبد الرحمن - أبو عبد السلام القَدَري من حرس عمر بن عبد العزيز: حدث عمرو بن مهاجر قال:

أتى صالح وغيلان عن عمر بن عبد العزيز، وقد بلغه أنهما يتكلمان في القدر، فقال لهما: عِلم الله نافذ في عباده أو منتقص؟ قالا: بل نافذ يا أمير المؤمنين. قال: فبم عسى أن يكون الكلام إذا كان علم الله نافذاً؟ قال: فخرجا، فبلغه بعد أنهما يتكلمان فأرسل إليهما، فقال: ما هذا الكلام الذي تنطقان فيه؟! قال غيلان: نقول ما قال الله. قال: ماذا قال الله؟ قال: " هَلْ أَتًى عَلَى الإِنْسَانِ حِيْنٌ منَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً " إلى قوله: " إنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وإِمَّا كَفُراً " ثم سكت فقال له عمر بن عبد العزيز: اقرأ، فقرأ حتى بلغ آخر السورة " وَمَا تَشَاؤونَ إلاّ أَنْ يَشَاءَ اللهُ إِنَّ الله كَانَ عَلِيماً حكيماً يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ في رَحْمَتِهِ والظَّالِيمِيْنَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيْماً " فقال له عمر بن عبد العزيز: كيف ترى في رحمته يا بن الأتانة؟ تأخذ الفروع، وتدع الأصول؟! قال: فخرجنا ثم بلغه أنهما يتكلمان، فأرسل إليهما حين اشتكى وهو مغضب شديد الغضب، فدعا بهما وأنا خلفه قائم مستقبلهما، فقال لهما وهو مغضب: ألم يكن سابق في علم الله حين أمر إبليس بالسجود لآدم أنه لا يسجد؟ فأومأت إيهما برأسي أن قولا: نعم، لِمَا عرفت من شدة غضبه، فقالا: نعم يا أمير المؤمنين. قال: ألم يكن في سابق علم الله حين أمر آدم عليه السلام ألا يأكل من الشجرة أنه سيأكل؟ فأومأت إليهما أن قولا: نعم، فقال: نعم. قال عمرو بن مهاجر: لولا أني أومأت إليهما أن قولا: نعم، لصنع بهما شراً. فأمر بها فأخرجا. وأمر بالكتاب إلى الناس أو إلى الأجناد بخلافهما. فمات عمر رضي الله عنه ولم ينفذ الكتاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>