عليه، فقدم، ولا علم لطازاد بأمره، فأمر المهدي بعرض الجند والرجل فيهم. فقال طازاد: يا أمير المؤمنين، ما أشبه هذا بالرجل الذي وصفت لك، فدعاه المهدي، فسأله طازاد أن يدنو منه. فأذن له، فقبل رجليه، وأذكره بلاءه عنده، فأراد المهدي صلته فلم يقبلها، وصرفه إلى بلاده.
[رجلان سائحان في جبل البنان]
خرج رجل يبتغي من فضل الله، فصحب رجلاً في الطريق فسأله عن مخرجه، فقال له خبره، فقال له الرجل: أخرجني الذي أخرجك. فانطلق بنا نلتمس الله من فضله. فخرجا في جبل لبنان يقصدان بيت المقدس، فأتيا بعض المنازل، فنزلا في قصر خرب، فانطلق أحدهما ليأتي بطعام. قال المتخلف منهما في الرحل: ألهيت نفسي، وجعلت أنظر بناء ذلك القصر وهيئته، وخرابه، واذكر سفري وتركي عيالي، فإذا بلوح من رخام تجاهي فيه مكتوب: من الكامل
لما رأيتك جالساً مستقبلي ... أيقنت أنك للهموم قرين
فارقص بها وتعر من أثوابها ... إن كان عندك بالقضاء يقين
فالهم سيماه مشيب شامل ... ويكون مثوى الضر حيث يكون
فجعلت أقرأهن وأتدبرهن إذ جاء صاحبي فقلت: ألا أعجبك؟ قال: بلى. قلت: أنظر ما على هذا اللوح. فنظر ونظرت، فلم ير لوحاً ولا شيئاً. فجعلت أطوف في القصر وأتتبع ما فيه فلم أر شيئاً.