العادل نور الدين قصة على لسان أصحاب الحديث، يسأله أن يتقدم إلي بإنجازه، فنهاه بعض أصحابنا عن ذلك، إلى أن يسر الله الشروع فيه بعد وفاته، والله يعين على إتمامه. ويا ليت أنه كان بقي حتى يراه، ولو كان رآه لعلم أنه أكثر مما وقع في نفسه.
وكانت وفاته في ذي القعدة سنة ثمان وخمسين وخمسمائة. ولما كنا في جنازته فكرت في نفسي، وقلت: والله إني لأحق من يعمر بالاهتمام بهذا التاريخ. فصرفت همتي إليه، وشرعت فيه، ويسر الله تمامه بهمة يغمر، فإنه كان صالحاً، وكان يتأسف على ترك الشروع فيه، وكان شديد الاهتمام به، يكاد يبكي إذا ذكره، ويقول: لو تم هذا الكتاب لا يكون في الإسلام كتاب مثله.
[يلتكين التركي]
كان من غلمان هفتكين أمير دمشق من قبل الطائع لله، فأهداه هفتكين للوزير ابن كلس بمصر، فاصطنع، وجرد إلى الشام في عسكر كبير، وولي إمرة دمشق، فوصل يلتكين في ذي الحجة سنة اثنتين وسبعين وثلاثمائة، ومدبر عسكره ميشا بن القزاز اليهودي. وكانت دمشق إذ ذاك مفتتنةً بقسام الذي كان غلب عليها، وبها جيش بن صمصامة بعد موت خاله أبي محمود الكتامي، فلم يزل يلتكين يقاتل أهل البلد، حتى تفرق عن قسام من معه، واستخفى، وتسلم يلتكين البلد، وأقام به إلى أن وردت الكتب من مصر إليه أن يسلم البلد إلى بكجور صاحب حمص، ويرجع إلى مصر، لاحتياج الملقب بالعزيز إليه حين اضطرب عليه جنده من المغاربة، فاحتاج إلى جند من المشارقة يقهر به المغاربة، وذلك في سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة.
[يمان بن عفير]
شهد صفين مع معاوية، وكان أميراً يومئذ على حمير، وحضرموت. له ذكر.