للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا بخيل الترك، فدخلت وأطفأت النار، وأقبل رجل فتتبع النار حتى وجدها، وظن أن في البيت أقواماً، فجعل يأخذ في زاوية، وآخذ في أخرى، ثم سل سيفه فقلت: لئن خرجت لأقطعن. فاستأسرت له، فأخذ بناصيتي وأجلسني عند النار، وأشار إلي أن أوقد، فأوقدت، ونظرني فعرفت الرقة قال: وبي جهد. فأتاني بكسر فأكلت، ثم ضربوا طبولهم، فأسرج وركب وأردفني خلفه، وتركهم حتى ساروا، وسار بي قدر أربعة أميال، ثم وقف وأشار إلي، فنزلت، وأشار إلي؛ اذهب كيف شئت. قال: فبينا نحن عند الحرسي وهو يقتل الأسارى إذ نظرت إليه فعرفته، فقلت له: أتعرفني؟ قال: نعم. فتقدمت إلى الحرسي فقصصت عليه أمري، فدعاه وكلمه الترجمان، فأخبره بمثل خبري. فقال: قد حقنا لك دمه، وبعثني وبعث به إلى هشام، فأخبره الخبر، ففرض له في قبيلي، فكان في عدادي.

[شيخ من موالي بني فزارة]

ثم لعمر بن هبيرة. حدث عن عمر بن هبيرة. قال: كنا قد بلغنا من حصارهم ما بلغنا، وكان بنا من الأزل والمرض نحواً مما بهم وأشد، وكنت نازلاً بجماعة سفن على ساحلهم مما يلي عسكر المسلمين، في مركبي، فيه مبيتي الآن، أركب إلى مسلمة فأشهد أموره، فإذا لم أركب خرجت في برد النهار إلى مجلس على تل مشرف على مراكبي وعلى عسكر المسلمين ويخرج إلي أمراء أجنادي، وأهل الهيئة منهم، فكان ذلك التل تلك الساعات لنا مجلساً، فبينا أنا ذات غداة عليه في جماعة، إذا بقارب خرج من ميناء القسطنطينية، وفيه رجال من الروم عليهم الديباج يقصد إلينا فقلت: يا رسول الطاغية إلي في أمر يكلمني به، فإن أتى في مجلسنا أشرف على رثاثة سفننا وسوء حالنا، سره ذلك وازداد قوة علينا، فقمت إلى مركبي فجلست وجلس معي أمراء أجنادي وأهل الهيئة، وأمرت أهل السفن أن يواروا ما قدروا عليه من سوء حالهم. فلما دنوا

<<  <  ج: ص:  >  >>