قال: كنت بحوران وأنا صبي مريد الحسن رحمه الله فكانت المسألة تعرض في قلبي وأحب كشفها وعلمها فيقع في نفسي جوابها فأثق به، وأسير إلى دمشق فألقى موسى الحضرمي وغيره من الشيوخ، فأسأل من اتفق منهم عن المسألة فيجيبوني بما خطر لي، فأحمد الله تعالى على حسن الهداية، وأرجع إلى موضعي؛ فوقع في نفسي مسألة عالية، وغاب عني علمها؛ فقلت: ما يعلم هذه المسألة إلا الخضر عليه وسلم، ثم فتح الله سبحانه علي بعلمها، فلم أشعر بعد ذلك إلا والباب يدق؛ فقلت: من؟ فقال: الذي أردت، وقد غفلت بما فتح الله عليك وحدث أبو بكر، قال: رجل قسا قلبه وفقد حاله، فاحترق لذلك، والتمس زوال هذا البلاء عنه، بالخلوة والاجتهاد؛ فما زاده ذلك إلا قساوةً؛ فكان يوماً خالياً في علو هذا المحرس محرس الحوارية بعكا، وهو محترق القلب، فرأى رقعةً مطروحةً، فأخذها وإذا فيها مكتوبٌ: صلاح القلوب في ستة أشياء؛ فالصلاح في الجوع الدائم، وسهر الليل، وقراءة القرآن، والزهد في الدنيا، والاستعداد للموت قبل نزوله، والسادس على الطيف وهو أن تريد ما يريد؛ وفسادها في إرادة العزة، ومخافة الذل، ومحبة الغنى، وخوف الفقر؛ فانتفع بالرقعة وتأدب بها، ورجع إليه حاله؛ وكان هذا الرجل لا يقرأ، ففتح الله تعالى عليه بقراءة ما فيها؛ فسئل أبو بكر عن صاحب هذه القصة قال: أنا هو.