فوجهه إلى الشام. قال: قدمتها فدخلت مسجدها فجلست وإلى جانبي شيخ ضرير، فسألته عن شيء من أمر الشام، قال: إنك لغريب؟ فقلت: أجل. قال: من أي بلد أنت؟ قلت: من خراسان. قال: ما أقدمك؟ فأخبرته. فقال: والذي بعث محمداً بالحق ما افتتحتموها إلا غدراً، وأنكم يا أهل خراسان الذين تسلبون بني أمية ملكهم وتنقضون دمشق حجراً حجراً. قال: أظن الضرير يونس بن ميسرة بن حلبس.
[رجل مدح سليمان بن عبد الملك]
وأخذ في تقريظه. فقال له سليمان: على رسلك، فإني لا أحب التزكية في المشاهدة، ومديح اللقاء. فقال رجل: إني لست أمدحك، ولكني أحمد الله على النعمة فيك. فقال سليمان: بلغت بالمديح مناط الإحسان.
[شيخ من دمشق]
دخل سليمان بن عبد الملك المسجد فرآه فقال: يا شيخ، أيسرك أن تموت؟ قال: لا والله. قال: ولم وقد بلغت من السن ما أرى؟ قال: ذهب الشباب وشره، وجاء الكبر وخبره، فإذا قعدت ذكرت الله، وإذا قمت حمدت الله، فأحب أن تدوم لي هاتان الحالتان.
[أعرابي دخل على سليمان بن عبد الملك]
فقال له: يا أمير المؤمنين، إني مكلمك بكلام فاحتمله إن كرهته، فإن من ورائه ما تحب إن قبلته، وإن كرهت أوله. قال سليمان: إنا لنجود بسعة الاحتمال على ما لا نرجو نصيحته ولا نأمن غشه، وأنت الناصح حبباً والمأمون غيباً.