أحدهما لصاحبه: حصه فحاصه، وختم عليه بخاتم النبوة. فقال أحدهما لصاحبه: اجعله في كفة، واجعل ألفاً من أمته في كفة فإذا أنا أنظر إلى الألف فوقي، أشفق أن يخر علي بعضهم. فقال أحدهما لصاحبه: لو أن أمته وزنت به لمال بهم. ثم انطلقا وتركاني، وفرقت فرقاً شديداً، ثم انطلقت إلى أمي فأخبرتها بالذي لقيت، فأشفقت أن يكون قد التبس بي، فقالت: أعيذك بالله، فرحلت بعيراً لها فحملتني على الرحل، وركبت خلفي حتى بلغنا إلى أمي، فقالت: قد أديت أمانتي وذمتي، وحدثتها بالحديث الذي لقيت، فلم يرعها ذلك وقالت: إني رأيت خرج مني نور أضاء له قصور الشام ".
وعن عثمان بن أبي العاتكة وغيره أن آمنة بنت وهب لما وضعته كفأت عليه برمة حتى تتفرغ له. قالوا: فوجدت البرمة قد انشقت عن نور أضاءت منه لها عن قصور كثيرة من قصور الشام.
وعن الضحاك وهو ابن مزاحم الهلالي أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " أنا دعوة إبراهيم، قال وهو يرفع القواعد من البيت:" ربنا وابعث فيهم رسولاً منهم " حتى أتم الآية ".
قال البيهقي: إنما أراد، والله أعلم، أنه كذلك في قضاء الله وتقديره قبل أن يكون آدم عليه السلام. وأما دعوة إبراهيم عليه السلام فإنه لما أخذ في بناء البيت دعا الله تعالى فقال: " ربنا وابعث فيهم رسولاً منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة، ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم " فاستجاب الله دعاءه في نبينا محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وأما بشارة عيسى عليه السلام به فهو أن الله تعالى أمر عيسى عليه السلام فبشر به قومه، فعرفه بنو إسرائيل قبل أن يخلق.