إليه ثمانية آلاف من أهل الشام فيهم ذو الكلاع في حمير؛ فقصدوا يؤمون علياً فلما رأتهم ربيعة جثوا على الركب وشرعوا الرماح، حتى إذا غشوهم ثاروا إليهم واقتتلوا أشد القتال، ليس فيهم إلا الأسل والسيوف؛ وقتل عبيد الله، وقتل ذو الكلاع؛ والذي قتل عبيد الله زياد بن خصفة التيمي، فقال معاوية لامرأة عبيد الله: لو أتيت قومك فكلمتهم في جسد عبيد الله بن عمر؟ فركبت إليهم ومعها من يجيرها، فأتتهم فانتسبت، فقالوا: قد عرفناك، مرحباً بك فما حاجتك؟ قالت: هذا الذي قتلتموه، فأذنوا لي في حمله، فوثب شبابٌ من بكر بن وائل فوضعوه على بغل، وشدوه، وأقبلت امرأته إلى عسكر معاوية، فتلقاها معاوية بسريرٍ فحمله عليه وحفر له وصلى عليه ودفنه ثم جعل يبكي ويقول: قتل ابن الفاروق في طاعة خليفتكم حياً وميتاً، وإن كان الله قد رحمه ووفقه للخير، قال: تقول بحرية وهي تبكي عليه، وبلغها ما يقول معاوية فقالت: أما أنت فقد عجلت له يتم ولده وذهاب نفسه، ثم الخوف عليه لما بعد أعظم الأمر.
فبلغ معاوية كلامها فقال لعمرو بن العاص: ألا ترى ما تقول هذه المرأة؟ فأخبره فقال: والله لعجبٌ لك ما تريد أن يقول الناس شيئاً! فوالله لقد قالوا في خير منك ومنا، فلا يقولون فيك أيها الرجل، إن لم تغض عما ترى كنت في نفسك في غم.
قال معاوية: هذا والله رأيي الذي ورثت من أبي.
[برق الأفق المدنية]
قال دحمان الأشقر: كتب عامل الحجاز إلى عبد الملك بن مروان: إن بالحجاز رجلاً يقال له ابن مسجح، أسود يغني، وقد أفسد رهبان قريش، وأنفقوا عليه أموالهم.
فكتب إليه في نفيه عن الحجاز وأخذ ماله، فنفي، فخرج إلى الشام في صحبة رجلٍ له جوارٍ مغنيات، فكان معه حتى بلغا دمشق، فدخلا مسجدها فسألا من حضر عن أخص الناس بالخليفة؟ فقالوا: